خلق حسن، وقيل منظر حسن، وقيل: قوة في العقل وحدة، بحيث لا يدفعه عما يزاوله دافع، ولا يسأم من شيء يزاوله، فحصل الفرق بين القوة والمرة، ومن جملة شدته وقوته قدرته على التشكل فلذلك قال:
(فاستوى) أي ارتفع جبريل وعلا إلى مكانه في السماء، بعد أن علم محمداً صلى الله عليه وسلم، قاله سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، وقيل: معناه قام في صورته التي خلقه الله عليها، لأنه كان يأتي النبي ﷺ في صورة الآدميين، كما يأتي إلى الأنبياء، فسأله النبي ﷺ أن يريه نفسه التي جبله الله عليها، فأراه نفسه مرتين، مرة في الأرض ومرة في السماء، ولم يره أحد من الأنبياء على صورته التي خلق عليها إلا نبينا صلى الله عليه وسلم، وقيل: المعنى فاستوى القرآن في صدره ﷺ حين نزل عليه، أو صدر جبريل حين نزل به، وقيل: المعنى اعتدل محمد في قوته أو في رسالته، ذكره الماوردي، وقيل: المعنى ارتفع النبي ﷺ بالمعراج، وقال الحسن: فاستوى يعني الله عز وجل على العرش، والأول أولى، وقيل: المعنى فاستوى جبريل عالياً على صورته، ولم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل ذلك رآه عليها حتى سأله إياها على ما ذكرنا.
(وهو بالأفق الأعلى) أي فاستوى جبريل حال كونه بالأفق الأعلى، والمراد بالأفق الأعلى جانب المشرق، وهو فوق جانب المغرب، والأفق ناحية السماء، وجمعه آفاق. قال قتادة ومجاهد: هو الموضع الذي تطلع منه الشمس، وكذا قال سفيان، وقيل: هو يعني جبريل والنبي ﷺ بالأفق الأعلى ليلة المعراج، ويجوز أن تكون هذه الجملة مستأنفة.
" عن ابن مسعود أن رسول الله ﷺ لم ير جبريل في صورته إلا مرتين، أما واحدة فإنه سأله أن يراه في صورته فأراه صورته فسد الأفق، وأما الثانية فإنه كان معه حيث صعد، فذلك قوله: (وَهُوَ بِالْأُفُقِ


الصفحة التالية
Icon