على صورته التي خلق عليها فأراه فرآه النبي ﷺ وكان بحراء قد سد الأفق إلى المغرب فخر مغشياً عليه، فدنا منه قرباً زائداً؛ وضمه إلى نفسه حتى أفاق وسكن روعه وجعل يمسح التراب عن وجهه.
(فأوحى إلى عبده) أي فأوحى جبريل إلى محمد ﷺ بتعليم من الله لا من نفسه (ما أوحى) فيه تفخيم للوحي الذي أوحي إليه والوحي إلقاء الشيء بسرعة، ومنه الوحا؛ وهو السرعة، والضمير في عبده يرجع إلى الله، كما في قوله: (ما ترك على ظهرها من دابة) وقيل المعنى فأوحى الله إلى عبده جبريل، وبالأول قال الربيع والحسن وابن زيد وقتادة؛ وقيل: فأوحى الله إلى عبده محمد صلى الله عليه وسلم، قيل: وقد أبهم الله سبحانه ما أوحاه جبريل عليه السلام إلى محمد ﷺ أو ما أوحاه الله إلى عبده جبريل أو إلى محمد ﷺ ولم يبينه لنا فليس لنا أن نتعرض لتفسيره.
وقال سعيد بن جبير: الذي أوحاه الله إليه هو: (ألم نشرح لك صدرك) إلخ و (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى)؟ إلخ وقيل: أوحى الله إليه أن الجنة حرام على الأنبياء حتى تدخلها، وعلى الأمم حتى تدخلها أمتك، وقيل: إن ما للعموم لا للإبهام والمراد كل ما يوحي به إليه؛ والحمل على الإبهام أولى لما فيه من التعظيم.
(ما كذب الفؤاد ما رأى) أي ما كذب فؤاد محمد ﷺ ما رآه بصره ليلة المعراج رؤية حقيقية، يقال كذبه إذا قال له الكذب ولم يصدقه، قال المبرد؛ معنى الآية أنه رأى شيئاًً فصدق به قرىء ما كذب مخففاً، وبالتشديد وهما سبعيتان، وما في ما رأى موصولة أو مصدرية قال ابن مسعود في الآية: " رأى رسول الله ﷺ جبريل عليه حلتا رفرف أخضر قد ملأ ما بين السماء والأرض " (١) أخرجه الترمذي والحاكم
_________
(١) رواه الحاكم.


الصفحة التالية
Icon