والحجج في المسألة وإن كانت كثيرة لكن لا نتمسك إلا بالأقوى منها، وهو حديث ابن عباس: أتعجبون الخ.
" وعن عكرمة سئل ابن عباس هل رأى محمد ﷺ ربه قال: نعم "، وقد روي بإسناد لا بأس به، وعن أنس نحوه.
وكان الحسن يحلف لقد رأى محمد ﷺ ربه، والأصل في المسألة حديث ابن عباس حبر هذه الأمة وعالمها، والمرجوع إليه في المعضلات، وقد راجعه ابن عمر في هذه المسألة فأخبره أنه رآه، ولا يقدح في هذا حديث عائشة، لأنها لم تخبر أنها سمعت النبي ﷺ يقول لم أر ربي وإنما ذكرت ما ذكرت متأولة لقول الله تعالى: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً) الآية، وقوله (لا تدركه الأبصار)، وإذ قد صحت الروايات عن ابن عباس أنه تكلم في هذه المسألة بإثبات لرؤية وجب المصير إلى إثباتها لأنها ليس مما يدرك بالعقل، ويؤخذ بالظن، وإنما يتلقى بالسمع، ولا يستجيز لأحد أن يظن بابن عباس أنه تكلم في هذه المسألة بالظن والاجتهاد، وقد قال معمر بن راشد حين ذكر اختلاف عائشة وابن عباس: ما عائشة عندنا بأعلم من ابن عباس ثم ابن عباس أثبت ما نفاه غيره والمثبت مقدم على النافي انتهى.
(عند سدرة المنتهى) لما أسري به في السموات، قاله الجلال المحلي، ومن المعلوم أن الإسراء كان قبل الهجرة بسنة وأربعة أشهر، أو بثلاث سنين على الخلاف، والرؤية الأولى كانت في بدء البعثة، فبين الرؤيتين نحو عشر سنين، والسدرة هي شجرة النبق، قال مقاتل: تحمل الحلي والحلل والثمار من جميع الألوان لو وضعت ورقة منها في الأرض لأضاءت لأهلها، وهي شجرة طوبى التي ذكرها الله في سورة الرعد والنبق بكسر الموحدة ثم السدرة الواحدة نبقة ويقال فيه نبق بفتح النون وسكون الباء ذكرها يعقوب في


الصفحة التالية
Icon