أخراهم لأولاهم)، أي وضعاءهم لرؤسائهم، وهذا للزمخشري، وقال ابن عادل: وفيه نظر لأن الأخرى إنما تدل على الغيرية، وليس فيها تعرض لمدح ولا ذم، فإن جاء شيء من ذلك فلقرينة خارجية، ثم كرر سبحانه توبيخهم وتقريعهم بمقالة شنعاء قالوها فقال:
(ألكم الذكر وله الأنثى)؟ أي كيف تجعلون لله ما تكرهون من الإناث وتجعلون لأنفسكم ما تحبون من الذكور، قيل وذلك قولهم: إن الملائكة بنات الله، وقيل المراد كيف تجعلون اللات والعزى ومناة وهي إناث في زعمكم شركاء لله ومن شأنهم أن يحتقروا الإناث، ثم ذكر سبحانه أن هذه التسمية والقسمة المفهومة من الاستفهام، قسمة جائرة، فقال:
(تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى) قرىء بياء ساكنة بغير همزة، وبهمزة ساكنة والمعنى أنها قسمة خارجة عن الصواب، جائرة عن العدل، مائلة عن الحق، قال الأخفش: يقال: ضاز في الحكم أي جار وضازه حقه يضيزه ضيزاً أي نقصه وبخسه، قال: وقد يهمز، وقال الكسائي: ضاز يضيز ضيزى، وضاز يضوز ضوزاً إذا تعدى وظلم وبخس وانتقص. قال الفراء: وبعض العرب يقول ضئزاً بالهمز، وعن أبي زيد أنه سمع العرب تهمز ضيزي، قال البغوي: ليس في كلام العرب فعلى بكسر الفاء في النعوت، إنما تكون في الأسماء مثل ذكرى وشعرى، قال المؤرج: كرهوا ضم الضاد في ضيزى، وخافوا انقلاب الياء واواً، وهي من بنات الواو، فكسروا الضاد لهذه العلة، كما قالوا في جمع الأبيض بيض، وكذا قال الزجاج، وقيل: هي مصدر كذكرى فيكون المعنى قسمة ذات جور وظلم، قال ابن عباس: ضيزى جائرة لا حق فيها وقيل: عوجاء غير معتدلة ثم رد سبحانه عليهم بقوله:


الصفحة التالية
Icon