بأهل البر منكم سموها زينب " (١). وقال المحلي في الآية: وهذا النهي على سبيل الإعجاب، وأما على سبيل الإعتراف بالنعمة فحسن، ولذا قيل: المسرة بالطاعة طاعة، وذكرها شكر، لقوله تعالى: (وأما بنعمة ربك فحدث).
(هو أعلم بمن اتقى) مستأنفة مقررة للنهي، أي فإنه يعلم المتقي منكم وغيره قبل أن يخرجكم من صلب أبيكم آدم، فمن جاهد نفسه، وخلصت منه التقوى فهو يوصله فوق ما يؤمل من الثواب في الدارين، فكيف بمن صارت له التقوى وصفاً ثابتاً، وهو الذي ينتفع بها ويثاب عليها، وقيل: نزلت في ناس كانوا يعملون أعمالاً حسنة؛ ثم يقولون: صلاتنا وصيامنا وحجنا وجهادنا ثم لما بين الله سبحانه وتعالى جهالة المشركين على العموم، خص بالذم بعضهم فقال:
_________
(١) رواه أحمد ومسلم.
(أفرأيت الذي تولى)؟ عن الخير وأعرض عن اتباع الحق
(وأعطى قليلاً) أي أعطى عطاء قليلاً؛ أو شيئاًً قليلاً من المال المسمى.
(وأكدى) منع الباقي وقطع ذلك، وأمسك عنه، مأخوذ من الكدية وهي الصلابة، يقال لمن حفر بئراً بلغ فيها إلى حجر لا يتهيأ له فيه حفر: قد أكدى، ثم استعملته العرب: لمن أعطى فلم يتم ولمن طلب شيئاًً فلم يبلغ آخره قال الكسائي وأبو زيد ويقال: كديت أصابعه إذا محلت من الحفر، وكدت يده إذا كلت، ولم تعمل شيئاًً، وكدت الأرض إذا قل نباتها، وأكديت الرجل عن الشيء رددته، وأكدى الرجل إذا قل خيره، قال الفراء: معنى الآية أمسك عن العطية وقطع، وقال المبرد: منع منعاً شديداً.
وقال مجاهد وابن زيد ومقاتل: نزلت في الوليد بن المغيرة وكان قد اتبع رسول الله ﷺ على دينه فعيره بعض المشركين فترك ورجع إلى شركه قال مقاتل: كان الوليد يمدح القرآن، ثم أمسك عنه فأعطى قليلاً من


الصفحة التالية
Icon