هذا التكلف لأن التفاعل مجرد عن التعدد في الفاعل والفعل، للمبالغة في الفعل، وسمى هذه الأمور المذكورة آلاء أي: نعماً مع كون بعضها نقماً لا نعماً، لأنها مشتملة على العبر والمواعظ، ويكون فيها إنتقام من العصاة، وفي ذلك نصرة للأنبياء والصالحين، وقرىء تتمارى من غير إدغام وبإدغام إحدى التاءين في الأخرى.
(هذا نذير من النذر الأولى) أي هذا محمد رسول إليكم من الرسل المتقدمين قبله، فإنه أنذركم كما أنذروا قومهم، كذا قال ابن جرير ومحمد ابن كعب وغيرهما، وقال قتادة: يريد القرآن، وأنه أنذر بما أنذرت به الكتب الأولى، وقيل: هذا الذي أخبرنا به عن أخبار الأمم تخويف لهذه الأمة من أن ينزل بهم ما نزل بأولئك، كذا قال أبو مالك، وقال أبو صالح: إن الإشارة بقوله هذا إلى ما في صحف موسى وإبراهيم، والأول أولى، قال ابن عباس: هذا نذير أي محمد ﷺ والأولى على تأويل الجماعة لمراعاة الفواصل، والتنوين للتفخيم على جميع التقارير المتقدمة.
(أزفت الآزفة) أي: قربت الساعة ودنت، سماها آزفة لقرب قيامها وقيل: لدنوها من الناس، كما في قوله: (اقتربت الساعة)، أخبرهم بذلك ليستعدوا لها قال في الصحاح: أزفت الآزفة يعني القيامة، وأزف الرجل عجل، قال ابن عباس: الآزفة من أسماء القيامة والألم فيه للعهد لا للجنس لئلا يخلو الكلام عن الفائدة إذ لا معنى لوصف القريب بالقرب، كما قيل، ولذا قيل إن الآزفة علم بالغلبة للساعة هنا وفيه نظر لأن وصف القريب بالقرب يفيد المبالغة في قربه، كما يدل عليه الافتعال في (اقتربت الساعة) فتأمل.
(ليس لها من دون الله كاشفة) أي ليس لها نفس أو حال قادرة على كشفها عند وقوعها إلا لله سبحانه، وقيل: كاشفة بمعنى انكشاف والهاء فيها كالهاء في العاقبة والداهية، وقيل: كاشفة بمعنى كاشف والهاء للمبالغة كراوية


الصفحة التالية
Icon