والمبتدأ وهو كل وقرىء بالجر على أنه صفة لأمر، وقرىء بفتح القاف قال أبو حاتم: ولا وجه لها، وقيل: وجهه كل أمر ذو استقرار، أو زمان استقرار، أو مكانه على أنه مصدر أو ظرف زمان أو ظرف مكان.
(ولقد جاءهم) أي كفار مكة أو الكفار على العموم (من الأنباء) أي من بعض أخبار الأمم المكذبة المقصوصة علينا في القرآن (ما فيه مزدجر) أي: ازدجار عن الكفر على أنه مصدر ميمي، يقال: إزدجرته وزجرته إذا نهيته عن السوء ووعظته بغلظة، أو إسم مكان والمعنى جاءهم ما فيه موضع ازدجار، أي: أنه في نفسه موضع لذلك وأصله مزتجر. وتاء الافتعال تقلب دالاً بعد الزاي والدال والذال، كما تقرر في موضعه وهذا في آخر كتاب سيبويه، وقرىء مزجر بإبدال التاء زاياً وإدغامها، وقرىء مزجر إسم فاعل من أزجر أي صار ذا زجر، وما موصولة أو موصوفة.
(حكمة) خبر مبتدأ محذوف، أو بدل من (ما) بدل كل من كل، أو بدل اشتمال، أو من مزدجر (بالغة) تامة أي إن القرآن حكمة قد بلغت الغاية، ليس فيها نقص، ولا خلل، وقرىء حكمة بالنصب على أنها حال من ما، أي: حال كون ما فيه مزدجر حكمة بالغة نهاية الصواب (فما تغن النذر) ما استفهامية أي أيُّ شيء أو أيُّ إغناء تغني النذر؟ وتحصله وتكسبه؟ أو نافية، أي: لم تغن النذر شيئاًً ولم تنفع فيهم والفاء لترتيب عدم الإغناء على مجيء الحكمة البالغة، ولا ترسم الياء هنا بعد النون اتباعاً لرسم المصحف، والنذر جمع نذير بمعنى النذر، أي الأمور المنذرة لهم كأحوال الأمم السابقة وما بلغ إليهم من العذاب الذي بلغ قريشاً وتسامعوا به أو بمعنى الإنذار على أنه مصدر.
ثم أمره الله سبحانه بالإعراض عنهم فقال:
(فتول عنهم) أي أعرض عنهم حيث لم يؤثر فيهم الإنذار، وهي منسوخة بآية السيف، قاله


الصفحة التالية
Icon