واصنع الفلك بأعيننا، وقيل: بأمرنا، وقيل: بوحينا، وقيل: بالأعين النابعة من الأرض، وقيل: بأعين أوليائنا من الملائكة الموكلين بحفظها والأول أولى (جزاء) قال الفراء: فعلنا به وبهم ما فعلنا من إنجائه وإغراقهم: ثواباً، فالنصب على العلة، وقيل: أي أغرقوا انتصاراً، وهو تفسير للمعنى، وقيل: جازيناهم جزاء.
(لمن كان كفر) به، وجحد أمره، وهو نوح عليه السلام، فإنه كان لهم نعمة كفروها، إذ كل نبي نعمة على أمته، قرأ الجمهور كفر مبنياً للمفعول والمراد به نوح، وقيل: هو الله سبحانه، فإنهم كفروا به، وجحدوا نعمته وقرىء كفر بفتح الكاف والفاء مبنياً للفاعل، أي جزاء وعقاباً لمن كفر بالله.
(ولقد تركناها) أي السفينة (آية) عبرة للمعتبرين قال قتادة: أبقاها الله بأرض الجزيرة، وقيل على الجودي زماناً مديداً، ودهراً طويلاً حتى نظر إليها ورآها أوائل هذه الأمة، أو أبقينا خبرها، أو أبقينا جنس السفن أو تركنا بمعنى جعلنا، وقيل: المعنى تركنا هذه الفعلة التي فعلناها بهم عبرة وموعظة لمن يعتبر ويتعظ بها.
(فهل من مدكر)؟ أصله مذتكر، فأبدلت التاء ذالاً ثم أبدلت المعجمة مهملة لتقاربهما، وأدغمت الدال في الدال، والمعنى هل من متعظ ومعتبر؟ يتعظ بهذه الآية ويعتبر بها؟ فيترك المعصية، ويختار الطاعة، ثم إنه تعالى لما أجاب دعوة نوح بأن أغرقهم أجمعين، قال: استعظاماً لذلك العقاب وإبعاداً لمشركي مكة:
(فكيف كان عذابي)؟ الذي عذبتهم به (و) كيف كان عاقبة (نذر)؟ أي: إنذاري قال الفراء: الإنذار والنذر مصدران، والإستفهام للتهويل والتعجيب، أي كانا على كيفية هائلة عجيبة لا يحيط بها الوصف، وقيل: نذر جمع نذير ونذير بمعنى الإنذار كنكير بمعنى الإنكار.


الصفحة التالية
Icon