عنادهم، وإما لأن قصة عاد ذكرت مختصرة (فكيف كان عذابي ونذر)؟ أي فهل سمعتم أو فاسمعوا كيف كان عذابي لهم؟ وإنذاري إياهم؟ ونذر مصدر بمعنى إنذار كما تقدم، والاستفهام للتهويل والتعظيم، والغرض بهذا توجيه قلوب السامعين نحو الإصغاء إلى ما يلقى إليهم قبل ذكره.
(إنا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً) هذه الجملة مستأنفة مبينة لما أجمله سابقاً من العذاب، والصرصر شدة البرد، أي: ريح شديدة البرد، وقيل: الصرصر شدة الصوت، وقد تقدم بيانه في حم السجدة. قال ابن عباس: ريحاً صرصراً أي باردة (في يوم نحس مستمر) أي: دائم الشؤم إلى الأبد، استمر عليهم بنحوسة، واستمر فيه العذاب إلى الهلاك، وقد كانوا يتشاءمون بذلك اليوم، قال الزجاج: أي بيوم الأربعاء في آخر الشهر، أي شهر شوال لثمان بقين منه، واستمر إلى غروب الشمس، قال الخطيب: وقد قال في سورة الحاقة: سبع ليال وثمانية أيام حسوماً، وفي حم السجدة في أيام نحسات، فالمراد باليوم هنا الوقت والزمان انتهى.
قال الضحاك: كان ذلك اليوم مراً عليهم، وكذا حكى الكسائي عن قوم أنهم قالوا: هو من المرارة كالشيء المر، تكرهه النفوس، وقيل: هو من المرة بمعنى القوة، أي في يوم قوي الشؤم مستحكمه. كالشيء المحكم الفتل الذي لا يطاق نقضه، والظاهر أنه من الاستمرار لا من المرارة: ولا من المرة أي دام عليهم العذاب فيه حتى أهلكهم، وشمل إهلاكه كبيرهم وصغيرهم، وقيل: استمر بهم إلى نار جهنم، قال ابن عباس: في أيام شداد، " عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ يوم الأربعاء يوم نحس مستمر "، أخرجه ابن المنذر وابن مردويه، وأخرجه هو عنه من وجه آخر (١) مرفوعاً.
_________
(١) قلت: قال شيخ الإسلام الشوكاني: قال الصنعاني: موضوع، وكذا قال ابن الجوزي، ورواه الخطيب وفي إسناده كذاب، ورواه ابن مردويه، وفي إسناده متروك وأما حديث ابن عباس فقد قال الحافظ ابن حجر: هذا كذب على ابن عباس، لا تحل روايته؟. المطيعي.


الصفحة التالية
Icon