سعير، وهو لهب النار، والسعر الجنون يذهب كذا وكذا لما يتلهب به من الحدة، وقال مجاهد: سعر بعد عن الحق، وقال السدي في احتراق، وقيل: المراد به هنا الجنون من قولهم: ناقة مسعورة أي كأنها من شدة نشاطها مجنونة، وقال ابن عباس: في شقاء ثم كرروا الإنكار والاستبعاد فقالوا:
(أألقي الذكر عليه من بيننا)؟ أي كيف خص من بيننا بالوحي والنبوة؟ وفينا من هو أحق بذلك منه، ثم اضربوا عن الإنكار، وانتقلوا إلى الجزم بكونه كذاباً أشراً فقالوا: (بل هو كذاب أشر) الأشر المرح والنشاط، أو البطر والتكبر، وتفسيره بالبطر والتكبر أنسب بالمقام، قرأ الجمهور أشر كفرح، صفة مشبهة وعلى أنه أفعل التفضيل، وقرىء بضم الشين وفتح الهمزة، ثم أجاب سبحانه عليهم بقوله:
(سيعلمون غداً) السين لتقريب مضمون الجملة وتأكيده، والمراد بقوله غداً وقت نزول العذاب الذي حل بهم في الدنيا، أو في يوم القيامة، جرياً على عادة الناس في التعبير بالغد عن المستقبل من الأمر، وإن بعدكما في قولهم إن مع اليوم غداً، والأول أولى، قرأ الجمهور بالتحتية على أنه إخبار من الله سبحانه لصالح عن وقوع العذاب عليهم بعد مدة على سبيل الالتفات، وقرىء بالتاء على أنه خطاب من صالح لقومه.
(من الكذاب الأشر)؟ من استفهامية أي أيّ فريق هو الكذاب الأشر المتكبر البطر، أهو هم؟ أم صالح عليه السلام.
(إنا مرسلو الناقة) مستأنفة لبيان ما تقدم إجماله من الوعيد، ومبادي الموعود به حتماً أي إنا مخرجوها من الصخرة على حسب ما اقترحوه، وموجدوها لهم (فتنة لهم) أي ابتلاء وامتحاناً واختباراً (فارتقبهم) أي انتظر ما يصنعون، وما يصنع بهم (واصطبر) أي اصبر على ما يصيبك من الأذى منهم، ولا تعجل حتى يأتيك أمرنا.


الصفحة التالية
Icon