(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) فائدة تكرير هذه الآية أن يجددوا عند استماع كل نبأ من أنباء الأولين إذكاراً واتعاظاً وأن يستأنفوا تيقظاً وانتباهاً، إذا سمعوا، والحث على ذلك والبعث إليه، وكذلك تكرير الأنباء والقصص في أنفسها، لتكون تلك العبرة حاضرة للقلوب، مصورة للأذهان، مذكورة غير منسية في كل أوان، ثم أخبر سبحانه عن قوم لوط بأنهم كذبوا رسل الله كما كذبهم غيرهم فقال:
(كذبت قوم لوط بالنذر) أي بالأمور المنذرة لهم على لسانه، ثم بين سبحانه ما عذبهم به فقال:
(إنا أرسلنا عليهم حاصباً) أي ريحاً ترميهم بالحصباء، بالمد وهي الحصى ومنه المحصب وهو موضع بالحجاز، قال أبو عبيدة: والنضر بن شميل: الحاصب الحجارة في الريح، قال في الصحاح: الحاصب الريح الشديدة التي تثير الحصباء والحصب بفتحتين ما تحصب به النار، أي ترمي، وكل ما ألقيته في النار فقد حصبتها به، وبابه ضرب، وتذكيره مع كونه مسنداً إلى ضمير الريح -وهي مؤنث- سماعي، لكونها في تأويل العذاب، وقوله تعالى: (وأمطرنا عليهم حجارة)، وكذا قوله: (لنرسل عليهم حجارة)، يدلان على أن الذي أرسل عليهم نفس الحجارة لا الريح التي تحصبها إلا أنه قيل ههنا: (أرسلنا عليهم حاصباً) للدلالة على أن إمطار الحجارة وإرسالها عليهم كان بواسطة إرسال الريح لها.
(إلا آل لوط) يعني لوطاً وابنتيه ومن تبعه، وفي الإستثناء وجهان:
أحدهما: أنه متصل، أي أرسل الحاصب على الجميع، إلا أهله فإنه لم يرسل عليهم.
والثاني: أنه منقطع، وبه قال أبو البقاء، ولا أدري ما وجهه، فإن الانقطاع وعدمه عبارة عن عدم دخول المستثنى في المستثنى منه، ودخوله فيه،


الصفحة التالية
Icon