وهذا داخل ليس إلا، وهو كلام مشكل.
(نجيناهم بسحر) أي آخر الليل، وهو في كلام العرب اختلاط سواد الليل ببياض أول النهار، فيكون فيه مخائل الليل ومخائل النهار، وقيل: هما سحران الأعلى قبل انصداع الفجر، والآخر عند انصداعه، وانصرف سحر لأنه نكرة لم يقصد به سحر ليلة معينة، ويوم معين، ولو قصد معيناً لامتنع كذا قال الزجاج والأخفش وغيرهما، والباء بمعنى في، أو هي للملابسة أي حال كونهم متلبسين بسحر.
(نعمة من عندنا) النصب على العلة، أو على المصدرية، أي: إنعاماً منا على لوط ومن تبعه (كذلك) أي مثل ذلك الجزاء (نجزي من شكر) نعمتنا ولم يكفرها مع أصل الإيمان، أو من ضم إلى الإيمان عمل الطاعات.
(ولقد أنذرهم بطشتنا) أي: أنذر لوط قومه بطشة الله بهم، وهي عذابه الشديد وعقوبته البالغة (فتماروا بالنذر) أي شكوا في الإنذار، ولم يصدقوه، وهو تفاعلوا من المرية وهي الشك، أو تجادلوا وكذبوا بإنذاره.
(ولقد راودوه عن ضيفه) أي أرادوا منه تمكينهم ممن أتاه من الملائكة، ليفجروا بهم، كما هو دأبهم، يقال: راودته عن كذا مراودة، ورواداً أي: أردته، وراد الكلام يروده رواداً أي: طلبه المرة بعد المرة، فالمعنى طلبوه المرة بعد المرة أن يخلي بينهم وبينهم، وقد تقدم تفسير المراودة في سورة هود (فطمسنا أعينهم) الطموس الدرس والانمحاء، قاله في المختار: أي صيرناها ممسوحة، لا يرى لها شق، كما تطمس الريح الأعلام بما تسفي عليها من التراب، وقيل: أذهب الله نور أبصارهم مع بقاء الأعين على صورتها، قال الضحاك: طمس الله على أبصارهم فلم يروا الرسل فرجعوا.


الصفحة التالية
Icon