الجمهور بالتحتية مبنياً للمفعول؛ وقرىء بالنون وكسر الزاي ونصب الجمع، وقرىء بالتحتية مبنياً للفاعل، وبالفوقية على الخطاب مبنياً للفاعل (ويولون الدبر) قرأ الجمهور بالتحتية، وقرىء بالفوقية على الخطاب، والمراد بالدبر الجنس، وهو في معنى الإدبار، وقيل: وحد لأجل رؤوس الآي، وقيل: في الإفراد إشارة إلى أنهم في التولية والهزيمة كنفس واحدة فلا يتخلف أحد عن الهزيمة، ولا يثبت أحد للزحف، فهم في ذلك كرجل واحد وقد هزمهم الله يوم بدر وولوا الأدبار وقتل رؤوساء الشرك، وأساطين الكفر فلله الحمد وهذه من علامات النبوة، قال ابن عباس: كان ذلك يوم بدر، قالوا: نحن جميع منتصر، فنزلت هذه الآية.
(بل الساعة موعدهم) أي موعد عذابهم الأخروي بعد بدر، وليس هذا العذاب الكائن في الدنيا بالقتل والأسر والقهر هو تمام ما وعدوا به من العذاب وإنما هو مقدمة من مقدماته، وطليعة من طلائعه. ولهذا قال:
(والساعة أدهى) أي وعذاب الساعة أعظم في الضر، وأفظع وأشد من موقف بدر، يقال: دهاه أمر كذا أي أصابه دهواً ودهياً؛ والداهية الأمر المنكر الذي لا يهتدي لدوائه، مأخوذ من الدهاء وهو النكر والفظاعة وإظهار الساعة في مقام إضمارها لزيادة تهويلها.
(وأمر) أي أشد مرارة من عذاب الدنيا.
في البخاري وغيره. عن " ابن عباس أن النبي ﷺ قال: وهو في قبة له يوم بدر: أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبداً فأخذ أبو بكر بيده وقال: حسبك يا رسول الله ألححت على ربك؛ فخرج وهو يثب في الدرع ويقول: (سيهزم) إلى قوله: (أدهى وأمر) ".
(إن المجرمين) أي المشركين (في ضلال وسعر) أي: في ذهاب عن الحق وبعد عنه، وفي نار تسعر عليهم، وقيل؛ في ضلال في الدنيا، وفي نار مسعرة في الآخرة، وقيل: في ضلال عن طريق الجنة، وسعر أي عذاب


الصفحة التالية
Icon