أو فعلة واحدة، وهو الإيجاد بلا معالجة ومعاناة، أو كلمة واحدة، وهي قوله: (كن فيكون)، فهنا بان الفرق بين الإرادة والقول، فالإرادة قدر والقول قضاء، وقيل: المراد بالأمر القيامة (كلمح بالبصر) في سرعته، واللمح النظر على العجلة والسرعة، وفي الصحاح: لمحه وألمحه إذا أبصره بنظر خفيف، والإسم اللمحة، أي فكما أن لمح أحدكم ببصره لا كلفة عليه فيه، فكذلك الأفعال كلها عندنا، بل أيسر، قال الكلبي: وما أمرنا بمجيىء الساعة في السرعة إلا كطرف البصر.
(ولقد أهلكنا أشياعكم) أي أشباهكم ونظراءكم في الكفر من الأمم، وقيل أتباعكم وأعوانكم، والقدرة عليكم كالقدرة عليهم، فأحذروا أن يصيبكم ما أصابهم، ولذلك تسبب عنه قوله: (فهل من مدكر) يتذكر ويتعظ بالمواعظ ويعلم أن ذلك حق فيخاف العقوبة، وأن يحل به ما حل بالأمم السالفة.
(وكل شيء فعلوه في الزبر) أي جميع ما فعلته الأمم من خير أو شر مكتوب في اللوح المحفوظ، وقيل: في كتب الحفظة ودواوينهم
(وكل صغير وكبير مستطر) يقال: سطر يسطر سطراً كتب، وأسطر مثله، أي كل شيء من أعمال الخلق، أقوالهم وأفعالهم وما هو كائن، مسطور في اللوح المحفوظ صغيره وكبيره، وجليله وحقيره، قال ابن عمر: مسطور في الكتاب، ثم لما فرغ سبحانه من ذكر حال الأشقياء، ذكر حال السعداء فقال:
(إن المتقين في جنات ونهر) أريد به الجنس، لمناسبة جمع الجنات، وإنما أفرد في اللفظ لموافقة رؤوس الآي، وبه قرأ الجمهور، وهو يشمل أنهار الجنة من الماء والخمر واللبن والعسل. وقرىء بسكون الهاء، وهما لغتان وقرىء بضم النون والهاء على الجمع شاذاً والمعنى أنهم في بساتين مختلفة وجنان متنوعة، وأنهار متدفقة، وقيل: النهر السعة والضياء، ومنه النهار. والمعنى لا ليل عندهم، والأول أولى.


الصفحة التالية
Icon