توزن به الأشياء، وتعرف مقاديرها؛ من ميزان وقرسطون ومكيال ومقياس، أي خلقه موضوعاً على الأرض، حيث علق به أحكام عباده من التسوية والتعديل، في أخذهم وإعطائهم، وقيل: المعنى أنه وضع الميزان في الآخرة لوزن الأعمال.
ثم أمر سبحانه بإقامة العدل بعد إخباره للعباد بأنه وضعه لهم فقال:
(وأقيموا الوزن بالقسط) أي قوموا وزنكم بالعدل، وقيل: المعنى أقيموا لسان الميزان بالعدل، وقيل: الإقامة باليد: والقسط بالقلب، وقال مجاهد: القسط العدل بالرومية، قلت: ومنه القسطاس بمعنى الميزان. وقيل: معناه لا تدعوا التعامل بالوزن بالعدل.
(ولا تخسروا الميزان) أي لا تنقصوه. ولا تبخسوا الكيل والوزن وهذا كقوله: ولا تنقصوا المكيال والميزان، وقيل: معناه لا تخسروا ميزان حسناتكم يوم القيامة، فيكون ذلك حسرة عليكم، والأول أولى، وقال قتادة في هذه الآية: أعدل ابن آدم كما تحب أن يعدل لك، وأوف كما تحب أن يوفى لك، فإن العدل صلاح الناس، أمر سبحانه أولاً بالتسوية، ثم نهى عن الطغيان الذي هو المجاوزة للحد بالزيادة، ثم نهى عن الخسران الذي هو النقص والبخس، وكرر لفظ الميزان تشديداً للتوصية به، وتقوية للأمر باستعماله، والحث عليه، قرأ الجمهور: تخسروا من أخسر وقرىء بفتح التاء والسين من خسر، وهما لغتان، ويقال: أخسرت الميزان وخسرته. ثم لما ذكر سبحانه أنه رفع السماء ذكر أنه وضع الأرض فقال:
(والأرض وضعها للأنام) أي: خفضها مدحوة، وبسطها على الماء لجميع الخلق، مما له روح وحياة، ولا وجه لتخصيص الأنام بالإنس والجن، قال ابن عباس: للأنام للناس، أي لأجل انتفاعهم بها، وعنه قال: كل شيء فيه روح.
(فيها فاكهة) أي: كل ما يتفكه به الإنسان من أنواع الثمار والجملة


الصفحة التالية
Icon