وقال الحسن وقتادة والضحاك وابن زيد: إنه الريحان الذي يشم وقال سعيد بن جبير، هو ما قام على ساق، وقال الكلبي: إن العصف هو الورق الذي لا يؤكل، والريحان هو الحب المأكول. وقال الفراء أيضاًً: العصف المأكول من الزرع، والريحان ما لا يؤكل، وقيل: الريحان كل بقلة طيبة الريح، قال ابن الأعرابي: يقال شيء ريحاني وروحاني أي له روح وقال في الصحاح الريحان نبت معروف، والريحان الرزق، تقول: خرجت أبتغي ريحان الله، وقيل: العصف رزق البهائم، والريحان رزق الناس. قال ابن عباس: كل ريحان في القرآن فهو رزق، قرأ الجمهور: والحب ذو العصف والريحان برفع الثلاثة عطفاً على فاكهة، وقرىء بالنصب عطفاً على الأرض، أو على إضمار فعل، أي وخلق الحب ذا العصف وقرىء الريحان بالجر عطفاً على العصف.
(فَبِأَيِّ آلَاءِ) أي فباي فرد من أفراد نعم (رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)؟ أبتلك النعم المذكورة هنا؟ أم بغيرها؟ والمراد بالتكذيب الإنكار والخطاب للجن والإنس، لأن لفظ الأنام يعمهما وغيرهما، ثم خصص بهذا الخطاب من يعقل، وبهذا قال الجمهور من المفسرين، ويدل عليه قوله فيما سيأتي: (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ)، ويدل على هذا ما قدمناه أن النبي ﷺ قرأها على الجن والإنس، وقيل: الخطاب للإنس، وثناه على قاعدة العرب في خطاب الواحد بلفظ التثنية، كما قدمنا في قوله: ألقيا في جهنم، والآلاء النعم. قال القرطبي: وهو قول جميع المفسرين، واحدها إلى وألى مثل معى وعصا وإلى " وألى " أربع لغات حكاها النحاس، وزاد في القاموس ألو، وقال ابن زيد: إنها القدرة، أي: فبأي قدرة، وبه قال الكلبي، وقال ابن عباس: فبأي نعمة الله وقال: يعني الجن والإنس.
وكرر سبحانه هذه الآية في هذه السورة في أحد وثلاثين موضعاً تقريراً للنعمة وتأكيداً للتذكير بها، على عادة العرب في الإتساع ثمانية منها ذكرت عقب آيات فيها تعداد عجائب خلق الله، وبدائع صنعه، ومبدأ الخلق


الصفحة التالية
Icon