عظيم، وتقول: خرجت من البلد وإنما خرجت من محلة من محله، وقال الأخفش: زعم قوم أنه يخرج اللؤلؤ، من العذب وقيل: هما بحران يخرج من أحدهما اللؤلؤ ومن الآخر المرجان، وقيل: لا يخرجان إلا من ملتقى الملح والعذب، وقيل: هما بحر السماء وبحر الأرض، فإذا وقع ماء السماء في صدف البحر انعقد لؤلؤ فصار خارجاً عنهما، وقال بعضهم: كلام الله أولى بالاعتبار من كلام بعض الناس، فمن الجائز أن يسوقهما من البحر العذب إلى الملح، واتفق أنهم لم يخرجوهما إلا من الملح، وإذا كان في البر أشياء تخفى على التجار المترددين القاطعين المفاوز فكيف بما في قعر البحر؟.
وأجاب عنه ابن عادل بأن الله لا يخاطب الناس ولا يمتن عليهم إلا بما يألفون ويشاهدون، ولا يخلو هذا الجواب عن التعسف
(فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)؟ فإن في ذلك الخروج من الآيات ما لا يستطيع أحد تكذيبه ولا يقدر على إنكاره.
(وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ) المراد بالجوار السفن الجارية في البحر، وسميت السفينة جارية لأن شأنها ذلك وإن كانت واقفة في الساحل كما سماها في موضع آخر بالجارية، كما قال تعالى: (إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية)، وسماها بالفلك قبل أن لم تكن كذلك، فقال تعالى لنوح، (واصنع الفلك بأعيننا)، ثم بعد ما عملها سماها سفينة فقال تعالى: (فأنجيناه وأصحاب السفينة)، قال الرازي: الفلك أولاً، ثم السفينة، ثم الجارية، والمرأة المملوكة تسمى أيضاًً جارية، لأن شأنها الجري والسعي في حوائج سيدها، بخلاف الزوجة، فهي من الصفات الغالبة.
والعامة على كسر الراء من الجوار، لأنه منقوص على فواعل، والياء محذوفة لفظاً، وقرىء برفع الراء تناسباً للمحذوف، وقرىء بإثبات الياء في الوقف، ولا تثبت في الرسم، لأنها من ياآت الزوائد، والمنشئآت المرفوعات التي رفع بعض خشبها على بعض، وركب حتى ارتفعت وطالت حتى صارت في البحر كالأعلام، وهي الجبال، والعلم الجبل الطويل، شبه السفن في


الصفحة التالية
Icon