أي أقصد قصدك، وفرغ يجيىء بمعنى قصد، قال الزجاج: إن الفراغ في اللغة على ضربين أحدهما الفراغ من الشغل والآخر القصد للشيء والإقبال عليه كما هنا، ويكون الكلام على طريق التمثيل والاستعارة وقد ألم به صاحب المفتاح ونحا إليه الزمخشري وقيل: إن الله سبحانه وعد على التقوى، وأوعد على المعصية، ثم قال: سنفرغ لكم مما وعدناكم، ونوصل كُلاً إلى ما وعدناه، وبه قال الحسن ومقاتل وابن زيد.
قرأ الجمهور: سنفرغ بالنون وضم الراء وقرىء بالنون مع فتح الراء، قال الكسائي: هي لغة تميم، وقرىء بكسر النون وفتح الراء، وقرىء بالياء التحتية مفتوحة مع ضم الراء، أي سيفرغ الله، وقرىء بضم الياء؛ وفتح الراء، وترسم أيُّه بغير ألف، وأما في النطق فقرأ أبو عمرو والكسائي أيها بالألف في الوقف، ووقف الباقون على الرسم أيه بتسكين الهاء، وفي الوصل قرأ ابن عامر أيه بضم الهاء، والباقون بفتحها، وسمي الجن والإنس الثقلين لعظم شأنهما بالنسبة إلى غيرهما من حيوانات الأرض، وقيل: سموا بذلك لأنهم ثقل على الأرض أحياء وأمواتاً كما في قوله: (وأخرجت الأرض أثقالها) وقال جعفر الصادق: سميا ثقلين لأنهما مثقلان بالذنوب، وقيل: لأنهما أثقلا وأتعبا بالتكاليف، وجمع في قوله: (لَكُمْ)، ثم قال: (أَيُّهَ الثَّقَلَانِ) لأنهما فريقان، وكل فريق جمع.
(فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) ومن جملتها ما في هذا التهديد من النعم، فمن ذلك أنه ينزجر به المسىء عن إساءته، ويزداد به المحسن إحساناً فيكون ذلك سبباً للفوز بنعيم الدار الآخرة، الذي هو النعيم في الحقيقة.
(يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) هو كالترجمة لقوله: (أَيُّهَ الثَّقَلَانِ)، قدم الجن هنا لكون خلق أبيهم متقدماً على خلق آدم، ولوجود جنسهم قبل جنس الإنس، وهذا الخطاب يقال لهما في الآخرة، وقيل: في الدنيا، ويرجح كونه


الصفحة التالية
Icon