قال ابن عباس في الآية: لم يطمثهن لم يدن منهن، أو لم يدمهن، وفي الآية دليل على أن الجن يطمثون كما يطمث الإنس، فإن مقام الامتنان يقتضي ذلك إذ لو يطمثوا لم يحصل لهم الامتنان
(فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) فإن في مجرد هذا الترغيب في هذه النعم نعمة جليلة، ومنة عظيمة، لأن به يحصل الحرص على الأعمال الصالحة، والفرار من الأعمال الطالحة، فكيف بالوصول إلى هذه النعم والتنعم بها؟ في جنات النعيم بلا انقطاع ولا زوال.
(كأنهن الياقوت والمرجان) هذا صفة لقاصرات، أو حال منهن، ولم يذكر مكي غيره، والياقوت جوهر نفيس، يقال إن النار لا تؤثر فيه، ومن المعلوم أن الياقوت أحمر اللون، فهذا التشبيه يقتضي أن لون أهل الجنة البياض المشرب بحمرة، فينافي المقرر المعلوم من أنه البياض المشرب بصفرة، فالجواب أن التشبيه بالياقوت من حيث الصفاء لا من حيث الحمرة، وهذا لا ينافي أن البياض مشرب بصفرة كما قال الحسن: هن في صفاء الياقوت وبياض المرجان، وإنما خص المرجان على القول بأنه صغار الدر لأن صفاءها أشد من صفاء كبار الدر.
" عن أبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ في الآية قال: ينظر إلى وجهها في خدرها أصفى من المرآة، وإن أدنى لؤلؤة عليها لتضيء ما بين المشرق والمغرب، وإنه يكون عليها سبعون ثوباً وينفذها بصره حتى يرى مخ ساقها من وراء ذلك (١) "، أخرجه أحمد وابن حبان. والحاكم وصححه، والبيهقي في البعث " وعن ابن مسعود عن النبي ﷺ قال: إن المرأة من نساء الجنة ليرى بياض ساقها من وراء سبعين حلة، حتى يرى مخها، وذلك أن الله يقول: (كأنهن الياقوت والمرجان)، فأما الياقوت فحجر لو أدخلت فيه سلكاً ثم استصغيته لرأيته من ورائه "، أخرجه ابن أبي شيبة، وهناد بن السرى، وابن أبي الدنيا، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن
_________
(١) رواه أحمد.


الصفحة التالية
Icon