وقال أبو زيد: البس السوق، والمعنى على هذا سيقت " جبال سوقاً قال أبو عبيد: بس الإبل وابتسها لغتان إذا زجرها، وقال عكرمة: المعنى هدت هداً، وقيل: صارت كثيباً مهيلاً بعد أن كانت شامخة، وقال قتادة ومقاتل وابن عباس ومجاهد: معنى رجت زلزلت، أي تخفض وترفع وقت رج الأرض وبس الجبال لأنه عند ذلك يرتفع ما هو منخفض وينخفض ما هو مرتفع وقيل المعنى وقوع الواقعة هو رج الأرض وبس الجبال.
(فكانت هباء منبثاً) أي غباراً متفرقاً منتشراً بنفسه، من غير حاجة إلى هواء يفرقه، وقال مجاهد: الهباء الشعاع الذي يكون في الكوة كهيئة الغبار، وقيل: هو الرهج الذي يسطع من حوافر الدواب ثم يذهب، وقيل ما تطاير من النار إذا اضطرمت يطير منها على صورة الشرر، فإذا وقع لم يكن شيئاًً، قاله ابن عباس وعطية، وقد تقدم بيانه في الفرقان عند تفسير قوله: (فجعلناه هباء منثوراً)، قرأ الجمهور منبثاً بالمثلثة، وقرىء بالمثناة الفوقية، أي: منقطعاً من قولهم: بته الله أي قطعه.
وقال ابن عباس: شعاع الشمس، وعنه الهباء ما يثور مع شعاع الشمس وانبثاثه تفرقه، وقال علي: الهباء المنبث رهج الدواب والهباء المنثور غبار الشمس الذي تراه في شعاع الكوة، ثم ذكر سبحانه أحوال الناس واختلافهم فقال:
(وكنتم أزواجاً ثلاثة) الخطاب للأمة الحاضرة والأمم السالفة تغليباً أو للحاضرة فقط، والمعنى وكنتم في ذلك اليوم أصنافاً ثلاثة، اثنان في الجنة واحد في النار، صنف يشاكل ما هو منه كما يشاكل الزوج الزوجة وكل صنف يكون أو يذكر مع صنف آخر فهو زوج، قال ابن عباس: الأزواج الأصناف وهي التي في سورة الملائكة (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ)، ثم فسر سبحانه هذه الأصناف فقال:


الصفحة التالية
Icon