على صحة القياس حيث جهلهم في ترك قياس النشأة الأخرى على الأولى.
(أفرأيتم) أي أخبروني (ما تحرثون) من أرضكم وتثيرون فتطرحون، وتلقون فيها البذر، والمعنى أفرأيتم البذر الذي تلقونه في الطين
(أأنتم تزرعونه)؟ أي تنبتونه وتجعلونه زرعاً، فيكون فيه السنبل والحب والزرع طرح البذر، والزرع أيضاًً الإنبات، يقال: زرعه الله أي أنبته.
(أم نحن الزارعون)؟ أي المنبتون له الجاعلون له زرعاً لا أنتم، قال المبرد: زرعه الله أي أنماه، فإذا أقررتم بهذا فكيف تنكرون البعث؟ " عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقولن أحدكم زرعت ولكن يقول حرثت، قال أبو هريرة: ألم تسمعوا الله يقول: أفرأيتم ما تحرثون؟ " الآية أخرجه البزار وابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في الشعب وضعفه
(لو نشاء لجعلناه) أي: لجعلنا ما تحرثون (حطاماً) أي متحطماً مفتتاً متكسراً أي نباتاً يابساً لا حب فيه، والحطام الهشيم الذي لا ينتفع به ولا يحصل منه حب ولا شيء مما يطلب من الحرث، وقيل: تبناً لا قمح فيه.
(فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) أي فصرتم تعجبون، قاله ابن عباس، قال الفراء: تفكهون تتعجبون فيما نزل بكم في زرعكم، قال في الصحاح: وتفكه تعجب ويقال تندم، وقال الحسن وقتادة وغيرهما: معنى الآية تعجبون من ذهابه وتندمون مما حل بكم، وقال عكرمة: تلاومون وتندمون على ما سلف منكم من معصية الله، وقال أبو عمرو والكسائي: هو التلهف على ما فات، قرأ الجمهور: (فَظَلْتُمْ) بفتح الظاء مع لام واحدة، وقرىء بكسرها معها، وقرىء ظللتم بلامين أولاهما مكسورة على الأصل، وروي فتحها وهي لغة، وقرأ الجمهور (تَفَكَّهُونَ) بالهاء، وقرىء تفكنون بالنون مكان الهاء أي تندمون، قال ابن خالويه: تفكه تعجب، وتفكن تندم، وفي الصحاح: التفكن التندم، والتفكه التنقل بصنوف الفاكهة، وقد استعير للتنقل في الحديث.


الصفحة التالية
Icon