(وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ) أي للمسافرين، قاله ابن عباس، يعني منفعة للذين ينزلون بالقواء وهي الأرض القفر، كالمسافرين وأهل البوادي النازلين في الأراضي المقفرة، يقال أرض قراء بالمد والقصر؛ أي مقفرة، ويقال أقوى إذا سافر أي نزل القوى، وخصوا بالذكر لأن منفعتهم بها أكثر من المقيمين، فإنهم يوقدونها بالليل لتهرب السباع ويهتدي الضال إلى غير ذلك من المنافع، وقال مجاهد: المقوين المستمتعين بها من الناس أجمعين في الطبخ والخبز والإصطلاء والإستضاءة، وتذكر نار جهنم، وقال ابن زيد: للجائعين في إصلاح طعامهم، يقال: أقويت منذ كذا وكذا أي ما أكلت شيئاًً وبات فلان القوى أي جائعاً.
وقال قطرب: القوى من الأضداد، يكون بمعنى الفقر ويكون بمعنى الغنى يقال: أقوى الرجل إذا لم يكن معه زاد، وأقوى إذا قويت دوابه وكثر ماله والمعنى جعلناها متاعاً ومنفعة للأغنياء والفقراء لا غنى لأحد عنها، وقال المهدوي: الآية تصلح للجميع؛ لأن النار يحتاج إليها المسافر والمقيم والغني والفقير وحكى الثعلبي عن أكثر المفسرين القول الأول وهو الظاهر.
(فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) الفاء لترتيب ما بعدها من ذكر الله سبحانه وتنزيهه على ما قبلها مما عدده من النعم التي أنعم بها على عباده، وجحود المشركين لها، وتكذيبهم بها، وقيل: قل سبحان ربي العظيم.
" وجاء مرفوعاً أنه لما نزلت هذه الآية قال اجعلوها في ركوعكم "، وسبح متعدّي بنفسه وبحرف الجر، فالباء زائد والإسم باق على معناه، أو بمعنى الذات أو بمعنى الذكر، قال الكرخي قالوا: كما يجب تنزيه ذاته وصفاته عن النقائص يجب تنزيه الألفاظ الموضوعة لها عن سوء الأدب، وقيل: لفظة باسم زائدة، والمعنى: فسبح ربك وهذا أبلغ لما يلزم ذلك بالطريق الأولى على سبيل الكناية الرمزية، وأثبتوا ألف الوصل هنا في إسم ربك لأنه لم يكثر دوره كثرته في البسملة.


الصفحة التالية
Icon