وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (٩) وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٠) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١١)
(وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) هذا الإستفهام للتوبيخ والتقريع، والخطاب للكفار، أي: أيُّ عذر لكم؟ وأي مانع من الإيمان؟ وقد أزيحت عنكم العلل وقيل: المعنى: أي شيء لكم من الثواب في الآخرة إذا لم تؤمنوا (وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ) أي: يدعوكم للإيمان، والمعنى أي عذر لكم في ترك الإيمان، والحال أن الرسول يدعوكم إليه وينبهكم عليه، ويتلو عليكم الكتاب الناطق بالبرهان والحجج (و) الحال أن (قد أخذ) الله (ميثاقكم) حين أخرجكم من ظهر أبيكم آدم في عالم الذر، حين أشهدكم على أنفسكم كما في قوله تعالى: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى) أو بما نصب لكم من الأدلة الدالة على التوحيد ووجوب الإيمان، وركب فيكم من العقول، ومكنكم من النظر في الأدلة، فإذا لم تبق لكم علة بعد أدلة العقول، وتنبيه الرسول، فما لكم لا تؤمنون؟ وهو اختيار القاضي، كالكشاف والأول أولى.
قرأ الجمهور قد أخذ مبنياً للفاعل، وهو الله سبحانه، لتقدم ذكره وقرىء على البناء للمفعول وهما سبعيتان (إن كنتم مؤمنين) بما أخذ عليكم من الميثاق أو بالحجج والدلائل، أو إن كنتم مؤمنين بسبب من الأسباب، فهذا من أعظم أسبابه وأوضح موجباته، لا مزيد عليه، وقيل: إن كنتم مؤمنين بموسى وعيسى، فإن شريعتهما تقتضي الإيمان بمحمد صلى الله عليه


الصفحة التالية
Icon