(أليس هذا بالحق) وهذه الجملة هي المحكية بالقول والإشارة بهذا إلى ما هو مشاهد لهم يوم عرضهم على النار، وفي الاكتفاء بمجرد الإشارة من التهويل للمشار إليه والتفخيم لشأنه ما لا يخفى، كأنه أمر لا يمكن التعبير عنه بلفظ يدل عليه.
(قالوا بلى وربنا) اعترفوا حين لا ينفعهم الاعتراف، وأكدوا هذا الاعتراف بالقسم لأن المشاهدة هي حق اليقين الذي لا يمكن جحده ولا إنكاره ولأنهم يطمعون في الخلاص بالاعتراف بحقية ما هم فيه (قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون) أي بسبب كفركم بهذا في الدنيا وإنكاركم له، وفي هذا الأمر لهم بذوق العذاب توبيخ بالغ وتهكم عظيم، ولما قرر سبحانه الأدلة على النبوة والتوحيد والمعاد أمر رسوله بالصبر فقال:
(فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل) إصبر أو ثق بحكم الله، والثبات من غير بث ولا استكراه قاله القشيري، والفاء جواب شرط محذوف أي إذا عرفت ذلك وقامت عليه البراهين ولم ينجح في الكافرين فاصبر كما صبر أرباب الثبات والحزم وأولو الجد والصبر فإنك منهم.
قال مجاهد: أولو العزم من الرسل خمسة: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد، وهم أصحاب الشرائع، وبه قال ابن عباس. وقال أبو العالية: هم نوح وهود وإبراهيم، فأمر الله رسوله أن يكون رابعهم. وقال السدي هم ستة: إبراهيم وموسى وداود وسليمان وعيسى ومحمد ﷺ وقيل نوح وهود وصالح وشعيب ولوط وموسى. وقال ابن جريج: إن منهم إسماعيل ويعقوب وأيوب وليس منهم يونس.
وقال الشعبي والكلبي: هم الذين أمروا بالقتال فأظهروا المكاشفة وجاهدوا الكفرة؛ وقيل هم نجباء الرسل المذكورين في سورة الأنعام وهم ثمانية عشر: إبراهيم وإسحاق ويعقوب ونوح وداود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى وإسماعيل وإلياس واليسع ويونس