والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم، وأخرج ابن حبان: " عن عمرو بن مرة الجهني قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وأديت الزكاة، وصمت رمضان وقمته، فمن أنا؟ قال: من الصديقين والشهداء ".
ثم بين سبحانه ما لهم من الخير بسبب ما اتصفوا به من الإيمان بالله ورسله فقال:
(لهم أجرهم ونورهم) الضمير الأول راجع إلى الموصول، والضميران الآخران راجعان إلى الصديقين والشهداء، أي لهم مثل أجرهم ونورهم، وأما على قول من قال إن الذين آمنوا بالله ورسله هم نفس الصديقين والشهداء، فالضمائر الثلاثة كلها راجعة إلى شيء واحد، والمعنى لهم الأجر والنور الموعودان لهم، ثم لما ذكر حال المؤمنين وثوابهم ذكر حال الكافرين وعقابهم فقال:
(والذين كفروا وكذبوا بآياتنا) أي جمعوا بين الكفر والتكذيب (أولئك أصحاب الجحيم) يعذبون بها، ولا أجر لهم ولا نور، بل عذاب مقيم، وظلمة دائمة، ولما ذكر سبحانه حال الفريق الثاني وما وقع منهم من الكفر والتكذيب، وذلك بسبب ميلهم إلى الدنيا وتأثيرهم بيّن لهم حقارتها وأنها أحقر من أن تؤثر على الدار الآخرة فقال:
(اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب) كلعب الصبيان (ولهو) كلهو الفتيان واللعب هو الباطل واللهو كل شيء يتلهى به ثم يذهب، قال قتادة: لعب ولهو أكل وشرب. قال مجاهد: كل لعب لهو، وقيل: اللعب ما رغب في الدنيا واللهو ما ألهى جمن الآخرة وشعل عنها، وقيل: اللعب الإقتناء، واللهو النساء، وقد تقدم تحقيق هذا في سورة الأنعام (وزينة) كزينة النسوان، والزينة التزين بمتاع الدنيا من اللباس والحلي ونحوهما، من دون


الصفحة التالية
Icon