عمل للآخرة (وتفاخر بينكم) كتفاخر الأقران قرأ الجمهور بتنوين تفاخر، وقرىء بالإضافة أي يفتخر به بعضكم على بعض، وقيل: يتفاخرون بالخلقة والقوة، وقيل: بالأنساب والأحساب كما كانت عليه العرب.
(وتكاثر) كتكاثر الدهقان، والتكاثر إدعاء الاستكثار (في الأموال والأولاد) أي يتكاثرون بأموالهم وأولادهم ويتطاولون بذلك على الفقراء، والمعنى أن التشاغل، وشغل البال بالحياة الدنيا، دائر بين هذه الأمور الخمسة اجتمعت أم لا، قال القشيري: وهذه الدنيا المذمومة هي ما يشغل العبد عن الآخرة فكل ما يشغله عن الآخرة فهو الدنيا، وأما الطاعات وما يعين عليها فمن أمور الآخرة.
وقال علي كرم الله وجهه لعمار بن ياسر: لا تحزن على الدنيا فإن الدنيا ستة أشياء مأكول ومشروب وملبوس ومشموم ومركوب ومنكوح، فأحسن طعامها العسل وهو بزقة ذبابة، وأكثر شرابها الماء وهو يستوي فيه جميع الحيوان، وأفضل ملبوسها الديباج وهو نسيج دودة، وأفضل مشمومها المسك وهو دم فأرة، وأفضل المركوب الفرس، وعليها تقتل الرجال، وأما المنكوح فهو النساء وهن مبال في مبال.
ثم بين سبحانه لهذه الحياة شبهاً، وضرب لها مثلاً، فقال:
(كمثل غيث) أي مطر (أعجب الكفار) أي الزراع، لأنهم يكفرون البذر، أي يغطونه بالتراب كما يستر الكافر حقيقة أنوار الإيمان بما يحصل منه من الجحد والطغيان (نباته) الحاصل به (ثم يهيج) أي يجف بعد نضارته وخضرته، قاله أبو السعود، وقيل: ييبس وفيه تسامح فإن حقيقته أن يتحرك إلى أقصى ما يتأتى له، فالمعنى يطول جداً (فتراه مصفراً) أي متغيراً عما كان عليه من الخضرة والرونق إلى لون الصفرة والذبول، وقرىء مصفاراً.
(ثم يكون حطاماً) أي متفتتاً هشيماً متكسراً متحطماً بعد يبسه، شبه