ورهبانية هذه الأمة الجهاد في سبيل الله " أخرجه أحمد وأبو يعلى والبيهقي في الشعب، ثم أمر الله سبحانه المؤمنين بالرسل المتقدمين، بالتقوى والإيمان بمحمد ﷺ فقال:
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله) بترك ما نهاكم عنه (وآمنوا برسوله) محمد ﷺ (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) أي نصيبين ضخمين بسبب إيمانكم برسوله بعد إيمانكم بمن قبله من الرسل، قال ابن عباس: أي أجرين بإيمانهم بعيسى عليه السلام، ونصب أنفسهم والتوراة والإنجيل وبإيمانهم بمحمد ﷺ وتصديقهم، ولا يبعد أن يثابوا على دينهم السابق، وإن كان منسوخاً ببركة الإسلام، وقيل: الخطاب للنصارى الذين كانوا في عصره صلى الله عليه وسلم، وأصل الكفل الحظ والنصيب؛ وقد تقدم الكلام على تفسيره في سورة النساء.
قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: كفلين ضعفين؛ وهي بلسان الحبشة، وقال ابن عمر: الكفل ثلثمائة جزء وخمسون جزءاً من رحمة الله، " وعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لهم أجران؛ رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد ﷺ والعبد المملوك الذي أدى حق مواليه وحق الله ورجل كانت عنده أمة يطؤها فأدبها فأحسن تأديبها، وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران " أخرجه الشيخان.
(ويجعل لكم نوراً تمشون به) يعني على الصراط، كما قال: (نورهم يسعى بين أيديهم)، وقيل: النور هو القرآن، وقيل: هو الهدى والبيان، أي يجعل لكم سبيلاً واضحاً في الدين تهتدون به (ويغفر لكم) ما سلف من ذنوبكم قبل الإيمان بمحمد ﷺ (والله غفور رحيم) أي بليغ المغفرة والرحمة.


الصفحة التالية
Icon