ذلك (ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ) فالباطل الشرك والكفر، والحق التوحيد والإيمان، والمعنى أن ذلك الإضلال لأعمال الكافرين بسبب اتباعهم الباطل من الشرك بالله والعمل بمعاصيه، وذلك التكفير لسيئات المؤمنين وإصلاح بالهم، بسبب اتباعهم للحق الذي أمر الله باتباعه من التوحيد والإِيمان وعمل الطاعات.
(كذلك)؟ أي مثل ذلك البيان (يضرب) يبين (الله للناس أمثالهم) أي أحوال الفريقين الجارية مجرى الأمثال في الغرابة، قال الزجاج: كذلك يضرب لهم أمثال حسنات المؤمنين وإضلال أعمال الكافرين، يعني أن من كان كافراً أضل الله عمله، ومن كان مؤمناً كفر الله سيئاته أو جعل الإضلال، مثلاً لخيبة الكفار، وتكفير السيئات مثلاً لفوز الأبرار ولما بين سبحانه حال الفريقين أمر بجهاد الكفار فقال:
(فإذا لقيتم) الفاء لترتيب ما في حيزها من الأمر على ما قبلها فإن ضلال أعمال الكفرة وخيبتهم وصلاح أحوال المؤمنين وفلاحهم مما يوجب أن يترتب على كل من الجانبين ما يليق به من الأحكام، أي فإذا كان الأمر كما ذكر فإذا لقيتم في المحاربة (الذين كفروا) أي المشركين. ومن لم يكن صاحب عهد من أهل الكتاب (فضرب الرقاب) قال الزجاج: أي فاضربوا الرقاب ضرباً، وقيل: هو منصوب على الإغراء، قال أبو عبيدة: هو كقولهم يا نفس صبراً، وقيل: التقدير أقصدوا ضرب الرقاب وخص الرقاب بالذكر لأن القتل أكثر ما يكون بقطعها، لا أن الواجب ضرب الرقبة خاصة لأن هذا لا يكاد يتأتى حالة الحرب، وإنما يتأتى القتل في أي موضع كان من الأعضاء، وقيل: لأن في التعبير عنه من الغلظة والشدة ما ليس في نفس القتل، وهي حز العنق وإطارة العضو الذي هو رأس البدن وعلوه، وأحسن أعضائه.
(حتى إذا أثخنتموهم) غاية للأمر بضرب الرقاب، لا لبيان غاية القتل


الصفحة التالية
Icon