وعن ليث قال: قلت لمجاهد بلغني أن ابن عباس قال لا يحل قتل الأسارى لأن الله قال: (فإما منا بعد وإما فداء)، فقال مجاهد: لا تعبأ بهذا شيئاًً أدركت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلهم ينكر هذا ويقول هذه منسوخة، إنما كانت في الهدنة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين المشركين، فأما اليوم فلا، يقول الله: (اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) أو يقول: (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب) فإن كان مشركو العرب لم يقبل منهم إلا الإسلام فإن لم يسلموا فالقتل، وأما من سواهم فإنهم إذا أسروا فالمسلمون فيهم بالخيار، إن شاؤا قتلوهم وإن شاؤا استحيوهم، وإن شاؤوا فادوهم إذا لم يتحولوا عن دينهم فإن أظهروا الإسلام لم يفادوا.
" ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن قتل الصغير والمرأة والشيخ الفاني "، ثم ذكر سبحانه الغاية لذلك فقال:
(حتى تضع الحرب أوزارها) أوزار الحرب آلاتها وأثقالها التي لا تقوم إلا بها من السلاح والكراع، أسند الوضع إليها وهو لأهلها على طريق المجاز والمعنى أن المسلمين مخيرون بين تلك الأمور الأربعة إلى غاية هي أن لا تكون حرب مع الكفار بأن لا تبقى لهم شوكة، قال مجاهد: المعنى حتى لا يكون دين غير دين الإسلام، وبه قال الحسن والكلبي، قال الكسائي: حتى يسلم الخلق، وقال الفراء: حتى يؤمنوا ويذهب الكفر، أي: لا يبقى إلا مسلم أو مسالم، وقيل: المعنى حتى يضع الأعداء المحاربون أوزارهم، وهو سلاحهم بالهزيمة أو الموادعة.
وروي عن الحسن وعطاء أنهما قالا: في الآية تقديم وتأخير، والمعنى فضرب الرقاب حتى تضع الحرب أوزارها، فإذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق، وقد اختلف العلماء في هذه الآية هل هي محكمة أو منسوخة؟ فقيل: إنها


الصفحة التالية
Icon