عامة المفسرين، وقال الحسن وصف الله لهم الجنة في الدنيا، فلما دخلوها عرفوها بصفتها، وقيل: فيه حذف أي عرف طرقها ومساكنها وبيوتها، وقيل هذا التعريف بدليل يدلهم عليها، وهو الملك الموكل بالعبد يسير بين يديه، حتى يدخله منزله، كذا قال مقاتل.
ويرده حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة من منزله الذي كان في الدنيا " (١). رواه البخاري وهذا يدل على صحة القول الأول، وقيل: (عرفها لهم) أي طيبها بأنواع الملاذ مأخوذ من العرف وهو الرائحة أو المعنى: حددها لهم بحيث يكون لكل واحد جنة مفرزة، وقيل: عرف أهل السماء أنها لهم، وقيل: (عرفها لهم) إظهاراً لكرامتهم فيها، وقيل: عرف المطيعين أعمالهم، والأول أولى، ثم وعدهم سبحانه على نصر دينه بقوله:
_________
(١) كذلك رواه الطبراني.
(يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله) أي دينه (ينصركم) على الكفار وعلى عدوكم ويفتح لكم، ومثله قوله ولينصرن الله من ينصره قال قطرب: إن تنصروا نبي الله ينصركم (ويثبت أقدامكم) أي يثبتكم في المعترك عند القتال. فالمراد بالأقدام الذوات بتمامها. وعبر بالقدم لأن الثبات والتزلزل يظهران فيها، وتثبيت الأقدام عبارة عن النصر والمعونة في مواطن الحرب وقيل على الإسلام وقيل على الصراط.


الصفحة التالية
Icon