هم أهل قرية النبي صلى الله عليه وسلم، وهي مكة، فالكلام على حذف المضاف كما في قوله (واسأل القرية)، والجملة بيان لعدم خلاصهم من العذاب بواسطة الأعوان والأنصار إثر بيان عدم خلاصهم منه بأنفسهم، والفاء لترتيب ذكر ما بالغير على عدم ما بالذات، وهو حكاية حال ماضية إذ كان الظاهر أن يقال فلم ينصرهم ناصر لأن هذا إخبار عما مضى.
عن ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه وسلم، لما خرج من مكة إلى الغار التفت إلى مكة وقال أنت أحب بلاد الله إلي ولولا أن أهلك أخرجوني منك لم أخرج فأعتى الأعداء من عتا على الله في حرمه، أو قتل غير قاتله أو قتل بدخول الجاهلية " (١) فأنزل الله:
_________
(١) رواه أحمد.
(وكأين من قرية) الآية، ثم ذكر سبحانه الفرق بين حال المؤمنين وحال الكافرين فقال:
(أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله)؟ الهمزة للإنكار والفاء للعطف على مقدر كنظائره، والمعنى أنه لا يستوي من كان على يقين من ربه، وحجة وبرهان من عنده، ولا يكون كمن زين له سوء عمله وهو عبادة الأوثان، والإشراك بالله، والعمل بمعاصي الله، أي لا مماثلة بينهما (واتبعوا أهواءهم) في عبادتها، وانهمكوا في أنواع الضلالات بلا شبهة توجب الشك، فضلاً عن حجة نيرة، روعي في هذين الضميرين معنى من، كما روعي فيما قبلهما لفظها، ثم لما بين سبحانه الفرق بين الفريقين في الاهتداء والضلال بيّن الفرق بين مرجعهما ومآلهما فقال:


الصفحة التالية
Icon