شزراً وكراهية منهم (نظر المغشي عليه من الموت) أي نظراً مثل نظر من شخص نظره وبصره عند الموت، لجبنهم عن القتال، وميلهم إلى الكفار، كدأب من أصابته غشية الموت، وقال ابن قتيبة والزجاج: يريد أنهم يشخصون نحوك بأبصارهم وينظرون إليك نظراً شديداً كما ينظر الشاخص بصره عند الموت.
(فأولى لهم) قال الجوهري: أولا لك تهديد ووعيد، وكذا قال مقاتل والكلبي وقتادة، قال الأصمعي: معنى قولهم في التهديد: أولى لك أي وليك وقاربك ما تكره. وهو فعل ماض، قال ثعلب: ولم يقل في أولى أحسن مما قاله الأصمعي، وقال المبرد: يقال لمن همّ بالغضب ثم أفلت أولى لك أي قاربت الغضب، وقال الجرجاني: هو مأخوذ من الويل، أي: فويل لهم وكذا قال في الكشاف. قال قتادة أيضاًً: كأنه قال العقاب أولى لهم، وعلى هذا يكون إسماً لا فعلاً وعليه الأكثر، وفي إعرابه أوجه ذكرها السمين.
(طاعة وقول معروف) كلام مستأنف أي أمرهم طاعة، أو طاعة وقول معروف خير لكم، قال الخليل وسيبويه إن التقدير طاعة وقول معروف أحسن وأمثل بكم من غيرهما، وقدره مكي منا طاعة فقدره مقدماً، وقيل: إن طاعة خبر أولى أي: الأولى بهم أن يطيعوك ويخاطبوك بالقول الحسن الخالي عن الأذية، وقيل: إن طاعة صفة لسورة، أي فإذا أنزلت سورة محكمة طاعة، أي ذات طاعة أو مطاعة، ذكره مكي وأبو البقاء، وفيه بعد لكثرة الفواصل، وقيل إن (لهم) خبر مقدم، وطاعة مبتدأ مؤخر، والأول أولى.
(في عزم الأمر) عزم الأمر، جد الأمر، أي جد القتال ووجب وفرض، وأسند الأمر إلى العزم -وهو لأصحابه- مجازاً، وجواب إذا قيل هو قوله الآتي: (فلو صدقوا الله)، وقيل: محذوف تقديره كرهوه، قال المفسرون: معناه إذا جد الأمر ولزم فرض القتال، خالفوا وتخلفوا، فلو


الصفحة التالية
Icon