البخاري ومسلم وغيرهما، والأحاديث في صلة الرحم كثيرة.
(أولئك) المفسدون يدل عليه ما تقدم وفي الإشارة التفات للإيذان بأن ذكر جناياتهم أوجب إسقاطهم عن رتبة الخطاب وحكاية أحوالهم الفظيعة لغيرهم (الذين لعنهم الله) أي أبعدهم من رحمته، وطردهم عنها، (فأصمهم) عن استماع الحق (وأعمى أبصارهم) أي عن مشاهدة ما يستدلون به على التوحيد والبعث وحقية سائر ما دعاهم إليه رسول الله ﷺ ولم يقل فأصم آذانهم، كما قال (وأعمى أبصارهم) ولم يقل وأعماهم لأنه لا يلزم من ذهاب الأذن ذهاب السماع، فلم يتعرض لها، والأعين يلزم من ذهابها ذهاب الإبصار.
(أفلا يتدبرون القرآن) أصل التدبر التفكر في عاقبة الشيء وما يؤول إليه أمره وتدبر القرآن لا يكون إلا مع حضور القلب وجمع الهم، وقت تلاوته ويشترط فيه تقليل الغذاء من الحلال الصرف، وخلوص النية، قاله الخازن، والاستفهام للإنكار، والمعنى أفلا يتفهمونه فيعلمون بما اشتمل عليه من المواعظ الزاجرة؟ والحجج الظاهرة؟ والبراهين القاطعة الباهرة؟ التي تكفي من له فهم وعقل، وتزجره عن الكفر بالله والاشراك به والعمل بمعاصيه؟ وقيل: المراد به التأسي، وقيل: هذه الآية محققة للآية المتقدمة، ومهيجة لهم على ترك ما هم فيه من الكفر، الذي استحقوا بسببه اللعنة، أو كالتبكيت لهم على إصرارهم على الكفر.
(أم) هي المنقطعة بمعنى بل، والهمزة التي للانتقال من توبيخ إلى توبيخ أي بل أ (على قلوب أقفالها) فهم لا يفهمون ولا يعقلون قال مقاتل: يعني الطبع على القلوب، والتنكير إما لتهويل حالها أو تفظيع شأنها. كأنه قيل على قلوب منكرة لا يعرف حالها. وإما لأن المراد بها قلوب بعضهم وهم المنافقون


الصفحة التالية
Icon