والأقفال إستعارة لانغلاق القلب عن معرفة الحق، وإضافة الأقفال إلى القلوب للتنبيه على أن المراد بها ما هو للقلوب بمنزلة الأقفال للأبواب، أو أنها أقفال مخصوصة بها، مناسبة لها.
ومعنى الآية أنه لا يدخل في قلوبهم الإيمان، ولا يخرج منها الكفر والشرك، لأن الله سبحانه قد طبع عليها قرىء أقفالها بالجمع، وإقفالها بكسر الهمزة على أنه مصدر، كالإقبال، والآية بعمومها تشمل كل من لا يتدبر القرآن، ولا يتأسى به، ويدخل فيه من نزلت فيه دخولاً أولياً، وأما المقلدة التاركة للتدبر في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ فهؤلاء هم الذين على قلوبهم أقفالها.
(إن الذين ارتدوا على أدبارهم) أي رجعوا كفاراً كما كانوا، قال قتادة: هم كفار أهل الكتاب كفروا بالنبي ﷺ بعد ما عرفوا نعته عندهم وبه قال ابن جريج وقال ابن عباس: هم أهل النفاق وقال الضحاك والسدي: هم المنافقون قعدوا عن القتال وهذا أولى لأن السياق في المنافقين.
(من بعد ما تبيّن لهم الهدى) بما جاءهم به رسول الله ﷺ من المعجزات الظاهرة والآيات القاهرة والدلائل الواضحة، والبراهين الباهرة (الشيطان سول لهم) أي زين لهم خطاياهم، وسهل لهم الوقوع فيها، وإقتراف الكبائر، والجملة خبر إن.
(وأملى لهم) أي مد لهم في الآمال والأماني ووعدهم طول العمر وقيل: إن الذي أملى لهم هو الله عز وجل على معنى أنه لم يعاجلهم بالعقوبة، قرأ الجمهور أملى على البناء للفاعل، وقرىء على البناء للمفعول، أي أمهلوا ومد في عمرهم، واختار القول بأن الفاعل هو الله الفراء والمفضل والأولى اختيار أنه الشيطان لتقدم ذكره قريباً.


الصفحة التالية
Icon