أموالكم، إنما يسألكم أمواله لأنه أملك لها، وهو المنعم عليكم بإعطائها وقيل: لا يسألكم محمد ﷺ أموالكم أجراً على تبليغ الرسالة، كما في قوله: (ما أسألكم عليه من أجر) والأول أولى.
(إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا) أي أموالكم كلها (فيحفكم) أي يبالغ في طلبها، قال المفسرون: يجهدكم ويلحف عليكم بمسألة جميعها؛ يقال: أحفى بالمسألة، وألحف والح، بمعنى واحد والمحفي المستقصي في السؤال والإحفاء والإستقصاء في الكلام، ومنه إحفاء الشارب أي استئصاله، وجواب الشرط قوله: (تبخلوا) أي إن يأمركم بإخراج جميع أموالكم تبخلوا بها، وتمتنعوا من الإمتثال.
(ويخرج أضغانكم) الأضغان الأحقاد، والمعنى أنها تظهر عند ذلك قال قتادة: قد علم الله أن في سؤال المال خروج الأضغان لدين الإسلام من حيث محبة المال بالجبلة والطبيعة، ومن نوزع في حبيبه ظهرت طويته التي كان يسرها.
(ها أنتم) يا مخاطبون (هؤلاء) الموصوفون وجملة (تدعون) مستأنفة مقررة ومؤكدة لما قبلها لاتحاد محصل معناهما (لتنفقوا في سبيل الله) أي في الجهاد، وفي طرق الخير (فمنكم من يبخل) بما يطلب منه ويدعى إليه من الإنفاق في سبيل الله، وإذا كان منكم من يبخل باليسير من المال، فكيف لا يبخلون بالكثير، وهو جميع الأموال، ومقابله ومنكم من يجود وحذف، لأن المراد الإستدلال على البخل ثم بين سبحانه أن ضرر البخل عائد على النفس فقال:
(ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه) أي: يمنعهما الأجر والثواب، وبخل وضن يتعديان تارة بعلى، وبعن أخرى، لتضمينهما معنى الإمساك، والتعدي قال السمين: والأجود أن يكونا حال تعديهما بعن مضمنين معنى الإمساك وقيل: المعنى يبخل عن داعي نفسه، لا عن داعي ربه (والله الغني)


الصفحة التالية
Icon