بحبل التقوى ومنها بيعة الهجرة والجهاد ومنها بيعة التوثق في الجهاد وكان بيعة الإسلام متروكة في زمن الخلفاء.
أما في زمن الراشدين منهم فلأن دخول الناس في الإسلام في أيامهم كان غالباً بالقهر والسيف لا بالتأليف، وإظهار البرهان، ولا طوعاً ولا رغبة، وأما في غيرهم، فلأنهم كانوا في الأكثر ظلمة فسقة لا يهتمون، وكذلك بيعة التمسك بحبل التقوى كانت متروكة، أما في زمن الخلفاء الراشدين فلكثرة الصحابة الذين استناروا بصحبة النبي ﷺ وتأدبوا في حضرته فكانوا لا يحتاجون إلى بيعة الخلفاء، وأما في زمن غيرهم فخوفاً من افتراق الكلمة، وأن يظن بهم مبايعة الخلافة فتهيج الفتن، ثم لما اندرس هذا في الخلفاء انتهز أكابر العلماء والمشايخ الفرصة وتمسكوا بسنة البيعة، وأن الذي اعتاده الصوفية رحمهم الله من مبايعة المتصوفين، ففيه ما يقبل وما يرد، ويظهر ذلك بعرضها على الكتاب والسنة، فما وافقهما فهو السنة والصواب، وما خالفهما فهو الخطأ والتباب، وإنما هذه البيعة سنة وليست بواجبه، لأن الناس بايعوا رسول الله ﷺ وتقربوا بها إلى الله تعالى، ولم يدل دليل على تأثيم تاركها، ولم ينكر أحد من الأئمة على من تركها، فكان كالاتفاق على أنها ليست بواجبة.
وشرط من يأخذ البيعة أمور:
أحدها علم الكتاب والسنة، وإنما شرطنا ذلك لأن الغرض من البيعة أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، وإرشاده إلى تحصيل السكينة الباطنة، وإزالة الرذائل، وإكتساب الحمائد، متقيداً بظاهر القرآن الكريم، والحديث الشريف، ومن لم يكن عالماً بهما، وعاملاً بموجبهما لا يتصور منه ذلك أبداً وقد اتفقت كلمة المشايخ على أن لا يتكلم على الناس إلا من كتب الحديث، وقرأ القرآن.
وثانيها، العدالة والتقوى والصدق والضبط، فيجب أن يكون مجتنباً


الصفحة التالية
Icon