بحيرة جهله وهواه، لأن إثبات الشيء لا ينفي ما عداه، فخلاصة هذا أن موسى عليه السلام قد نقل عن يعقوب أنه قال: لا تزول السلطنة والنبوة عن أولاد يهودا حتى يخرج شيلو ويبشر بمحمد صلى الله عليه وسلم، ويؤمن به عوام الناس، ويستعبروا كلامه، وبعد ذلك تستقر المملكة والنبوة المتباينتان في قبيلة أخرى، وهي العرب، لما مر في هذا البرهان، وفي اجتماع كلتا الصفتين في ذاته ﷺ إشارة إلى تبجيله.
وفي نشيد الإنشاد: هذا صوت محبوبي فإنه أتى يقفز على الجبال ويظفر على الأتلال، إن محبوبي كالغزال، أو كخشف الأوعال، هذا هو واقف خلف جدارنا يطل من الكوة، ويظهر نفسه من الشباك، فكلمتني محبوبتي وقالت لي: قم يا محبوبي وجميلي، وتعال، فإن الشتاء قد مضى، والمطر قد انقضى، وظهر الزهر على الأرض، وقرب زمان الترنم، وقد سمع صوت اليمامة في أرضنا، وأبدت الظمخة تبنها، والكرمة عنبها الغض، فقم يا محبوبي وجميلي وتعال. انتهى.
وهذا من عمدة الأمثال التي تخص محمداً صلى الله عليه وسلم، وتبشر به، وقد غفل عنه اليهود والنصارى ولم يتوجهوا له ولا لما قبله وبعده من هذا السفر، والحق أحق أن يعترف به، فإن جميع آياته تتعلق بمحمد صلى الله عليه وسلم، ولكني اكتفيت منه بهذا المثال ونقلت لفظة محبوبي من الأصل الانكتاري على ما كانت عليه، وهو لفظ لو بفتح اللام وسكون الواو الانكتارية الساكنة وهي تارة تطلق على العشق وتارة على المعشوق، وكان الكاتودكيون قد ترجموها بابن أخي وأجمعوا على ذلك امتثالاً لأمر البابا سركيس، وهي في الأصل العبراني دوو كفلس بإمالة الواو، ومعناها العم أخو الأب كما ورد في أشمويل، وبنو العم كما ورد في الخروج، وابن العم، كما ورد في أرميا، ولم يفسرها أحد من اليهود بابن الأخ فعلى ترجمة الانكتاريين يكون محبوب سليمان عليه السلام محمداً صلى الله عليه وسلم، لأنه تنبىء عليه ولأنه خاتم الرسل، وعلى ترجمة الباب سركيس يكون ابن أخيه لأن محمداً صلى الله


الصفحة التالية
Icon