بالكتاب القرآن وبالحكمة السنة كذا قال الحسن وقيل: الكتاب الخط بالقلم والحكمة الفقه في الدين، كذا قال مالك بن أنس، وقيل: المراد بالكتاب الفرائض (وإن كانوا من قبل) أي من قبل بعثته فيهم، ومجيئه إليهم (لفي ضلال مبين) أي في شرك وذهاب عن الحق وكفر وجهالة، وإن مخففة من الثقيلة واللام دليل عليها أي كانوا في ضلال واضح لا ترى ضلالاً أعظم منه.
(وآخرين منهم) مجرور عطفاً على الأميين، أي بعثه في الأميين الذين على عهده، وبعثه في آخرين منهم، أو منصوب عطفاً على الضمير المنصوب في يعلمهم، أي ويعلم آخرين، وكل من يعلم شريعة محمد ﷺ إلى آخر الزمان، فرسول الله ﷺ معلمه بالقوة لأنه أصل ذلك الخير العظيم، والفضل الجسيم، أو عطفاً على مفعول يزكيهم أي يزكيهم ويزكي آخرين والمراد بالآخرين من جاء بعد الصحابة إلى يوم القيامة، وقيل: المراد بهم من أسلم من غير العرب، وقال عكرمة: هم التابعون، وقال مجاهد: الناس كلهم وكذا قال ابن زيد والسدي.
(لما يلحقوا بهم) ذلك الوقت وسيلحقون بهم من بعد، وقيل: في السبق إلى الإسلام والشرف والدرجة وهذا النفي مستمر دائماً لأن الصحابة لا يلحقهم ولا يساويهم في شأنهم أحد من التابعين، ولا ممن بعدهم، فالمنفي هنا غير متوقع الحصول، ولذلك لما ورد عليه أن لما تنفي ما هو متوقع الحصول، والمنفي هنا ليس كذلك، فسرها المحلي بلم التي منفيها أعم من أن يكون متوقع الحصول أولاً فـ (لما) هنا ليست على بابها، والضمير في بهم ومنهم راجع إلى الأميين، وهذا يؤيد أن المراد بالآخرين هم من يأتي بعد الصحابة من العرب خاصة إلى يوم القيامة، وهو ﷺ وإن كان مرسلاً إلى جميع الثقلين فتخصيص العرب هنا لقصد الامتنان عليهم، وذلك لا ينافي عموم الرسالة ويجوز أن يراد بالآخرين العجم لأنهم