والمعاصي، الموجبة لدخول النار والتحريف والتبديل، قال الزمخشري: ولا فرق بين لا ولن في أن كل واحدة منهما نفي للمستقبل، إلا أن في لن تأكيداً وتشديداً ليس في لا فأتى مرة بلفظ التأكيد في (ولن يتمنوه)، ومرة بغير لفظه في (ولا يتمنونه) قال أبو حيان: وهذا رجوع منه عن مذهبه وهو أن لن تقتضي النفي على التأبيد إلى مذهب الجماعة، وهو أنها لا تقتضيه، قلت: ليس فيه رجوع، غاية ما فيه أنه سكت عنه، وتشريكه بين لا ولن في نفي المستقبل لا ينفي اختصاص لن بمعنى آخر.
(والله عليم بالظالمين) يعني على العموم، وهؤلاء اليهود داخلون فيهم دخولا أولياً، ثم أمر الله سبحانه رسوله أن يقول لهم: إن الفرار من الموت لا ينجيهم، وأنه نازل بهم فقال:
(قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم) لا محالة، ونازل بكم بلا شك، والفاء في فإنه داخلة لتضمن الاسم معنى الشرط، قال الزجاج: لا يقال إن زيداً فمنطلق، وههنا قال: فإنه ملاقيكم لما في معنى الذي من الشرط والجزاء، أي إن فررتم منه فإنه ملاقيكم، ويكون مبالغة في الدلالة على أنه لا ينفع الفرار منه، وقيل: إنها مزيدة محضة لا للتضمن المذكور، وقيل: إن الكلام قد تم عند قوله: (تفرون منه) ثم ابتدأ فقال: (فإنه ملاقيكم)، ولما كان المقام في البرزخ أمراً مهولاً لا بد منه نبه عليه وعلى طوله، بأداة التراخي فقال:
(ثم تردون إلى عالم الغيب) السر (والشهادة) العلانية وذلك يوم القيامة (فينبئكم بما كنتم تعملون) من الأعمال القبيحة ويجازيكم عليها، وفيه وعيد وتهديد.
(يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة) أي وقع النداء لها، والمراد به الأذان إذا جلس الخطيب على المنبر يوم الجمعة، لأنه لم يكن على عهد رسول الله ﷺ نداء سواه، ثم كان أبو بكر وعمر وعلي بالكوفة على


الصفحة التالية
Icon