وأخرجوا كلهم أيضاًً عن ابن مسعود أنه كان يقرأ: فامضوا إلى ذكر الله. قال: ولو كان فاسعوا لسعيت حتى يسقط ردائي، وعن أبيّ أنه قرأ كذلك، والمراد من ذكر الله هنا صلاة الجمعة، وقيل: موعظة الإمام، والأول أولى، وقال الجمهور: الخطبة. وبه استدل أبو حنيفة على أن الخطيب إذا اقتصر على الحمد لله جاز.
" وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة، وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا " أخرجه البخاري ومسلم، وهذا الحديث يعم كل صلاة ويدخل فيه صلاة الجمعة، فهو كالتفسير للآية.
(وذروا البيع) أي اتركوا المعاملة به ويلحق به سائر المعاملات أو اتركوا عنده بتمامه، فالخطاب لكل من البائع والمشتري، قال الحسن: إذا أذن المؤذن يوم الجمعة لم يحل الشراء والبيع.
" عن محمد بن كعب أن رجلين من أصحاب النبي ﷺ كانا يختلفان في تجارتهما إلى الشام، فربما قدما يوم الجمعة ورسول الله ﷺ يخطب، فيدعونه ويقومون، فنزلت الآية: (وذروا البيع) فحرم عليهم ما كان قبل ذلك "، أخرجه عبد بن حميد، والمراد بالآية ترك ما يذهل عن ذكر الله من شواغل الدنيا وإنما خص البيع من بينها لأن يوم الجمعة يتكاثر فيه البيع والشراء عند الزوال فقيل لهم: بادروا تجارة الآخرة واتركوا تجارة الدنيا واسعوا إلى ذكر الله الذي لا شيء أنفع منه وأربح وذروا البيع الذي نفعه يسير.
(ذلكم) أي السعي إلى ذكر الله وترك البيع (خير لكم) من البيع والتكسب في ذلك الوقت لما في الامتثال من الأجر والجزاء وفي عدمه من عدم ذلك إذا لم يكن موجباً للعقوبة وتمسك بهذا الشافعية في أن البيع وقت أذان الخطبة إلى انقضاء الصلاة صحيح مع الحرمة، قال في الكشاف: عامة العلماء


الصفحة التالية
Icon