(قاتلهم الله) أي لعنهم الله، وقد تقول العرب هذه الكلمة على طريق التعجب، كقولهم: قاتله الله من شاعر، أو ما أشعره، وليس بمراد هنا، بل المراد ذمهم وتوبيخهم، وهو طلب من الله سبحانه طلبه من ذاته عز وجل أن يلعنهم ويخزيهم، أو هو تعليم للمؤمنين أن يقولوا ذلك، وقيل: معناه أهلكهم وهذا ما جرى عليه أبو عيسى ومعنى (أنىَّ يؤفكون)؟ كيف يصرفون عن الحق؟ ويميلون عنه إلى الكفر بعد قيام البرهان على حقية الإيمان؟ قال قتادة: يعدلون عن الحق، وقال الحسن: معناه يصرفون عن الرشد.
(وإذا قيل لهم تعالوا) أي إذا قال لهم القائل من المؤمنين: قد نزل فيكم ما نزل من القرآن فتوبوا إلى الله ورسوله وتعالوا (يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم) أي حركوها استهزاء بذلك، قال مقاتل: عطفوا رؤوسهم رغبة عن الاستغفار، وقيل: إعراضاً عنه واستكباراً، قرأ الجمهور: لووا بالتشديد وقرىء بالتخفيف، واختار الأولى أبو عبيد وهما سبعيتان.
(ورأيتهم يصدون) أي يعرضون عن قول من قال لهم تعالوا إلخ، أو يعرضون عن رسول الله ﷺ وجملة: (وهم مستكبرون) في محل نصب على الحال من فاعل الحال الأولى، وهي يصدون لأن الرؤية بصرية، فيصدون في محل نصب على الحال، والمعنى رأيتهم صادين مستكبرين عن الاعتذار والإستغفار، ولما كان رسول الله ﷺ يحب صلاحهم، وأن يستغفر لهم، وربما ندبه إلى ذلك بعض أقاربهم، قال تعالى منبهاً له على أنهم ليسوا بأهل للاستغفار لأنهم لا يؤمنون:
(سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم) أي الاستغفار وعدمه سواء لا ينفعهم ذلك لإصرارهم على النفاق، واستمرارهم على الكفر، وهذا تيؤس له من إيمانهم.
(ولن يغفر الله لهم) أي ما داموا على النفاق (إن الله لا يهدي القوم الفاسقين) أي الكاملين في الخروج عن الطاعة، والانهماك في معاصي الله.
ويدخل فيهم المنافقون دخولاً أولياً ثم ذكر سبحانه بعض قبائحهم فقال: