(يعلم ما في السموات والأرض) لا تخفى عليه من ذلك خافية (ويعلم ما تسرون وما تعلنون) أي ما تخفونه وما تظهرونه، والتصريح به مع اندراجه فيما قبله لمزيد التأكيد في الوعد والوعيد (والله عليم بذات الصدور) جملة مقررة لما قبلها من شمول علمه لكل معلوم، وهي تذييلية، وقال الخطيب: كل واحدة من هذه الثلاث أخص مما قبلها وجمع بينها إشارة إلى أن علمه تعالى محيط بالجزئيات والكليات لا يعزب عنه شيء من الأشياء.
(ألم يأتكم)؟ استفهام توبيخ أو تقرير (نبأ الذين كفروا من قبل) أي من قبلكم، وهم كفار الأمم الماضية، كقوم نوح وعاد وثمود والخطاب لكفار العرب، وقوله: (فذاقوا وبال أمرهم) معطوف عليه كفروا، عطف المسبب على السبب، وعبر عن العقوبة بالوبال إشارة إلى أنها كالشيء الثقيل المحسوس، وذلك لأن الوبال في الأصل الثقل والشدة، ومنه الوبيل للطعام الذي يثقل على المعدة، والوابل المطر الثقيل القطر، والمراد بأمرهم هنا ما وقع منهم من الكفر والمعاصي، والوبال ما أصيبوا به من عذاب الدنيا (ولهم عذاب أليم) في الآخرة وهو عذاب النار.
(ذلك) أي ما ذكر من العذاب في الدارين وهو مبتدأ وخبره (بأنه) أي بسبب أنها (كانت تأتيهم رسلهم) أي الرسل المرسلة إليهم (بالبينات) أي بالحجج الباهرة والمعجزات الظاهرة (فقالوا أبشر يهدوننا) أي قال قوم منهم لرسولهم هذا القول، منكرين أن يكون الرسول من جنس البشر، متعجبين من ذلك، كما قالت ثمود: (أبشراً منا واحداً نتبعه)، ومن غباوتهم أنهم أنكروا أن يكون الرسول بشراً وسلموا واعتقدوا أن الإله يكون حجراً، وأراد بالبشر الجنس ولهذا قال: يهدوننا وقد أجمل في الحكاية فأسند القول إلى جميع الأقوام كما أجمل الخطاب والأمر في قوله: (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً).
(فكفروا) بالرسل وبما جاؤوا به وقيل: كفروا بسبب هذا القول الذي


الصفحة التالية
Icon