(ما أصاب) كل أحد (من مصيبة) من المصائب (إلا بإذن الله) أي بقضائه وقدره قال الفراء: أي بأمر الله وقيل: بعلم الله وقيل وسبب نزولها أن الكفار قالوا: لو كان ما عليه المسلمون حقاً لصانهم الله عن المصائب في الدنيا، قال ابن مسعود في الآية: هي المصيبات تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيسلم لها ويرضى (ومن يؤمن بالله) أي من يصدق ويعلم أنه لا يصيبه إلا ما قدره الله عليه (يهد قلبه) للصبر والرضاء بالقضاء، قال مقاتل بن حيان: يهد قلبه عند المصيبة فيعلم أنها من الله فيسلم لقضائه، ويسترجع عند حلوله.
وقال سعيد بن جبير: يهد قلبه عند المصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون وقال الكلبي: هو إذا ابتلى صبر، وإذا أنعم عليه شكر، وإذا ظلم غفر. وقال ابن عباس في الآية: يعني يهد قلبه لليقين، فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه. قرأ الجمهور يهد بفتح الياء وكسر الدال أي يهده الله وقرىء بضم الياء وفتح الدال على البناء للفعول ونهد بالنون ويهدأ بهمزة ساكنة ورفع قلبه أي يطمئن ويسكن (والله بكل شيء عليم) أي بليغ العلم لا تخفى عليه من ذلك خافية.
(وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول) أي هونوا على أنفسكم المصائب واشتغلوا بطاعة الله وطاعة رسوله في جميع الأوقات، والعمل بكتابه العزيز وسنة رسوله المطهرة (فإن توليتم) أي أعرضتم عن الطاعة (فإنما على رسولنا البلاغ المبين) وليس عليه غير ذلك، وقد فعل، وجواب الشرط محذوف، والتقدير فلا بأس أو فلا ضرر على الرسول، وهذه الجملة تعليل للجواب المحذوف، ثم أرشد إلى التوحيد والتوكل فقال:
(الله لا إله إلا هو) أي هو المستحق للعبودية دون غيره فوحدوه ولا تشركوا به (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) أي فليفوضوا أموركم إليه ويعتمدوا عليه لا على غيره، حث للرسول على التوكل على الله، والتقوى به حتى ينصره على من كذبه، وتولى عنه.


الصفحة التالية
Icon