(ومن يتوكل على الله فهو حسبه) أي ومن وثق بالله فيما نابه كفاه ما أهمه، قال ابن مسعود في الآية: ليس المتوكل الذي يقول تقضي حاجتي، وليس كل من يتوكل على الله كفاه ما أهمه، ودفع عنه ما يكره، وقضى حاجته، ولكن الله جعل فضل من توكل على من لم يتوكل أن يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجراً.
(إن الله بالغ أمره) فلا بد من كونه ينفذه، سواء حصل توكل أو لا قال ابن مسعود، قاضٍ أمره على من توكل وعلى من لم يتوكل، ولكن المتوكل يكفر عن سيئاته ويعظم له أجراً قرأ الجمهور بتنوين بالغ ونصب أمره وقرىء بالإضافة وهي سبعية، وقرىء بتنوين بالغ ورفع أمره، لأنه فاعل بالغ، أو على أن أمره مبتدأ مؤخر وبالغ خبر مقدم، قال الفراء في توجيه هذه القراءة: أي أمره بالغ، وقرىء بالغاً بالنصب على الحال، ويكون خبر إن قوله: (قد جعل الله لكل) الخ، والمعنى على الأولى والثانية أن الله سبحانه بالغ ما يريده من الأمر لا يفوته شيء ولا يعجزه مطلوب، وعلى الثالثة أن الله نافذ أمره لا يرده شيء.
(قد جعل الله لكل شيء قدراً) أي تقديراً وتوقيتاً أو مقداراً لا يتعداه وإن اجتهد جميع الخلائق في أن يتعداه فقد سجل سبحانه للشدة أجلاً تنتهي إليه، وللرخاء أجلاً ينتهي إليه، وهذا بيان لوجوب التوكل على الله وتفويض الأمر إليه: لأنه إذا علم أن كل شيء من الرزق ونحوه لا يكون إلا بتقديره وتوقيته لم يبق إلا التسليم للقدر والتوكل، قال السدي: هو قدر الحيض والعدة، وقال ابن مسعود: يعني أجلاً ومنتهى ينتهي إليه.
" وعن عمر بن الخطاب قال: قال صلى الله عليه وسلم: لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقتم كما ترزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً " أخرجه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم وصححه وغيرهم.


الصفحة التالية
Icon