شربته عند سودة، والله لا أشربه أبداً فأنزل الله هذه الآية " أخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه، قال السيوطي: بسند صحيح، وقيل: هي أم سلمة كما روي:
" عن عبد الله بن رافع قال: سألت أم سلمة عن هذه الآية يا أيها النبي لم تحرم؟ قالت كانت عندي عكة من عسل أبيض فكان النبي ﷺ يلعق منها، وكان يحبه فقالت له عائشة نحلها تجرس عرفطاً فنزلت هذه الآية " أخرجه ابن سعد وذكره الخطيب والخازن، وقيل: هي حفصة فواطأت عائشة وسودة وصفية فقلن له إنا نشم منك ريح المغافير، فحرم العسل فنزلت الآية، قاله البيضاوي.
الثالث قيل: السبب المرأة التي وهبت نفسها للنبي ﷺ فالأولان سببان صحيحان لنزول الآية والجمع ممكن بوقوع القصتين، قصة مارية وقصة العسل، وأن القرآن نزل فيهما جميعاً، وفي كل واحد منهما أنه أسر الحديث إلى بعض أزواجه، وأما الثالث فقال شيخنا الشوكاني: أنه ليس في ذلك إلا ما روى ابن أبي حاتم وابن مردويه.
" عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية للمرأة التي وهبت نفسها للنبي ﷺ "، قال السيوطي: وسنده ضعيف، ويرد هذا أيضاً أن النبي ﷺ لم يقبل تلك الواهبة نفسها، فكيف يصح أن يقال: إنه نزل في شأنها؟ فإن من رد ما وهب له لم يصح أن يقال: أنه حرم على نفسه، وأيضاًً لا ينطبق على هذا السبب قوله: وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً إلى آخر ما حكاه الله.
وأما ما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن ابن عباس سأل عمر بن الخطاب عن المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله ﷺ فأخبره أنهما عائشة وحفصة ثم ذكر قصة الإيلاء كما في الحديث الطويل، فليس في هذا نفي كون السبب هو ما قدمنا من قصة العسل والسرية، لأنه إنما أخبره