تضر امرأة فرعون، وقد كانت تحت أكفر الكافرين، وصارت بإيمانها بالله في جنات النعيم، وفيه دليل على أن وصلة الكفرة لا تضر مع الإيمان.
(إذ) ظرف لمثلاً أو لضرب (قالت رب ابن لي عندك) حال من ضمير المتكلم أو من (بيتاً) لتقدمه عليه وقوله: (في الجنة) بدل أو عطف بيان لقوله: عندك، أو متعلق بقوله: ابن، وقدم عندك هنا للإشارة إلى قولهم: الجار قبل الدار، ومعناه بيتاً قريباً من رحمتك أو في أعلى درجات المقربين منك، أو في مكان لا يتصرف فيه إلا بإذنك وهو الجنة.
(ونجني من فرعون وعمله) أي من ذاته الخبيثة وشركه، وما يصدر عنه من أعمال الشر، وقال ابن عباس: عمله يعني جماعة، وعن سلمان قال: كانت امرأة فرعون تعذب بالشمس، فإذا انصرفوا عنها أظلتها الملائكة بأجنحتها، وكانت ترى بيتها في الجنة، وعن أبي هريرة أن فرعون وتد لامرأته أربعة اوتاد، وأضجعها، وجعل على صدرها رحى، واستقبل بها عين الشمس، فرفعت رأسها إلى السماء فقال: رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة إلى قوله: (ونجني من القوم الظالمين) ففرج الله لها عن بيتها في الجنة فرأته، وقبض الله روحها، قال الكلبي هم أهل مصر، وقال مقاتل: هم القبط، قال الحسن وابن كيسان: نجاها الله أكرم نجاة، ورفعها إلى الجنة، فهي تأكل وتشرب، وفيه دليل على أن الإستعاذة بالله والإلتجاء إليه ومسألة الخلاص منه عند المحن والنوازل من سير الصالحين، وديدن المؤمنين بيوم الدين.
(و) ضرب الله مثلاً للذين آمنوا (مريم ابن عمران) أي حالها وصفتها فمثل حال المؤمنين بامرأتين، كما مثل حال الكفار بامرأتين، وقيل: التقدير اذكر مريم والمقصود من ذكرها أن الله سبحانه جمع لها بين كرامتي الدنيا والآخرة، واصطفاها على نساء العالمين مع كونها بين قوم كافرين (التي أحصنت) حفظت (فرجها) عن الفواحش وعن الرجال فلم يصل إليها رجل لا بنكاح ولا بزنا، والمحصنة العفيفة، وقد تقدم تفسير هذا في سورة