(أو لم يروا) الهمزة للاستفهام والواو للعطف على مقدّر أي أغفلوا ولم ينظروا ولم يروا وأجمع القراء على قراءته بياء الغيبة لأن السياق للرد على المكذبين بخلاف ما في النحل ففيه الغيبة والخطاب (إلى الطير) جمع طائر ويقع على الواحد والجمع، وقال ابن الأنباري: الطير جماعة وتأنيثها أكثر من تذكيرها ولا يقال للواحد طير بل طائر، وقلما يقال للأنثى طائرة (فوقهم) في الهواء (صافات) حال أي صافة لأجنحتها في الهواء والجو وتبسطها عند طيرانها.
(ويقبضن) أي يضممن أجنحتهن إلى جنوبهن إذا ضربنها بها حيناً فحيناً للاستظهار والاستعانة على التحرك والطيران قال النحاس: يقال للطائر إذا بسط جناحه صاف، وإذا ضمها قابض، كأنه يقبضها وهذا معنى الطيران وهو بسط الجناح وقبضه بعد البسط، وإنما قال ويقبضن ولم يقل قابضات كما قال صافات لأن القبض يتجدد تارة فتارة وأما البسط فهو الأصل كذا قيل، وقيل: المعنى قبضهن لأجنحتهن عند الوقوف من الطيران لا قبضها في حال الطيران.
(ما يمسكهن إلا الرحمن) حالية أو مستأنفة لبيان كمال قدرة الله سبحانه، والثاني أظهر، والمعنى أنه ما يمسكهن في الهواء عن الوقوع عند الطيران إلا الرحمن القادر على كل شيء وإلا فالثقيل يتسفل طبعاً ولا يعلو وكذا لو أمسك حفظه وتدبيره عن العالم لتهافتت الأفلاك (إنه بكل شيء بصير) لا يخفى عليه شيء كائناً ما كان، يعلم كيف يخلق الغرائب وكيف يدبر العجائب، فبصير بمعنى العالم بالأشياء الدقيقة الغريبة.
(أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن) الاستفهام للتقريع والتوبيخ والالتفات عن الغيبة إلى الخطاب للتشديد في ذلك التبكيت، والمعنى أنه لا جند لكم يمنعكم من عذاب الله، والجند الحزب والمنعة، قرأ الجمهور " أمن " بتشديد الميم على إدغام ميم أم في ميم من، وأم بمعنى بل