ولا سبيل إلى تقدير الهمزة بعدها كما هو الغالب في تقدير أم المنقطعة ببل والهمزة لأن ما بعدها ههنا من الاستفهامية فأغنت عن ذلك التقدير، ومن الاستفهامية مبتدأ واسم الإشارة خبره، والموصول مع صلته صفة اسم الإشارة وينصركم صفة لجند ومن دون الرحمن في محل نصب على الحال من فاعل ينصركم، والمعنى بل من هذا الحقير الذي هو في زعمكم جند لكم متجاوزاً نصر الرحمن.
(إن الكافرون إلا في غرور) معترضة مقررة لما قبلها ناعية عليهم ما هم فيه من غاية الضلال، والالتفات عن الخطاب إلى الغيبة للإيذان باقتضاء حالهم الإعراض عنهم، والإظهار في موضع الإضمار لذمهم بالكفر وتعليل غرورهم به، والمعنى ما الكافرون إلا في غرور عظيم من جهة الشيطان يغرهم به.
(أمن) تكتب أم موصولة في " من " وكذا يقال فيما تقدم (هذا الذي يرزقكم) الكلام في هذا كالكلام في الذي قبله أي من الذي يدر عليكم الرزق من المطر وغيره (إن أمسك رزقه) أي أسباب رزقه التي ينشأ عنها كالمطر، بل لو كان الرزق موجوداً كثيراً سهل التناول فوضع الآكل لقمة في فيه فأمسك الله تعالى عنه قوة الإزدراد لعجز أهل السموات والأرض عن أن يسوغوا تلك اللقمة. وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه أي إن أمسك رزقه فمن يرزقكم غيره.
وقوله (بل لجوا في عتو ونفور) ينبىء عن مقدر يستدعيه المقام كأنه قيل: أثر تمام التبكيت والتعجيز لم يتأثروا لذلك ولم يذعنوا للحق، بل تمادوا في عناد واستكبار عن الحق ونفور عنه ولم يعتبروا ولا تفكروا، قال الرازي: واللجاج تقحم الأمر مع كثرة الصوارف عنه، والعتو العناد والطغيان، والنفور الشرود وقال ابن عباس: في عتو ونفور أي في ضلال.