فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (٢٧) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٢٨) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (٣٠)
ثم ذكر سبحانه حالهم عند معاينة العذاب فقال
(فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً) الفاء فصيحة معربة عن تقدير جملتين وترتيب الشرطية عليهما كأنه قيل وقد أتاهم الموعود به فرأوه فلما رأوه الخ، وزلفة مصدر بمعنى الفاعل أي مزدلفاً أو حال من المفعول أو ذا زلفة وقرب، أو رأوه في مكان ذا زلفة قال مجاهد: أي قريباً وقال الحسن: عياناً. وأكثر المفسرين على أن المراد عذاب الآخرة يوم القيامة، وقال مجاهد: المراد عذاب بدر وقيل رأوا ما وعدوا به من الحشر قريباً منهم كما يدل عليه قوله (وإليه تحشرون) وقيل لما رأوا عملهم السيء قريباً.
(سيئت وجوه الذين كفروا) أي اسودت وعلتها الكآبة والقترة وغشيتها الذلة والسواد يقال ساء الشيء يسوء فهي سيء إذا قبح، والأصل ساء وجوههم العذاب ورؤيته أي حزنها، وساءت هنا ليست هي المرادفة لبئس. والمقام للضمير وأتى بالمظهر توصلاً لذمهم بالكفر وتعليل المساءة به، قال الزجاج المعنى تبين فيها السوء أي ساءهم ذلك العذاب فظهر عليه بسببه في وجوههم ما يدل على كفرهم كقوله (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) قرأ الجمهور سيئت بكسر السين بدون إشمام وقرىء بالإشمام.
(وقيل) لهم توبيخاً وتقريعاً (هذا) المشاهد الحاضر من العذاب هو العذاب (الذي كنتم به تدعون) في الدنيا أي تطلبونه وتستعجلون به استهزاء، على أن معنى تدعون الدعاء قال الفراء: تدعون تفتعلون من


الصفحة التالية
Icon