الماء ففتقت منه السموات ثم خلق النون فبسطت الأرض عليه والأرض على ظهر النون فاضطرب النون فمادت الأرض فأثبتت الجبال، فإن الجبال لتفخر على الأرض إلى يوم القيامة ثم قرأ (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) أخرجه الحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات وأبو الشيخ وغيرهم.
(وما يسطرون) ما موصولة والضمير عائد إلى أصحاب القلم المدلول عليهم بذكره لأن ذكر آلة الكتابة تدل على الكاتب، والمعنى والذي يكتبون كل ما يكتب أو الحفظة الكاتبون على بني آدم قال ابن عباس يسطرون يكتبون، ويجوز أن تكون ما مصدرية أي وسطرهم، وقيل الضمير راجع إلى القلم خاصة من باب إِسناد الفعل إلى الآلة وإجرائها مجرى العقلاء، وعن ابن عباس أيضاًً قال: (وما يسطرون) ما يعلمون.
(ما أنت بنعمة ربك بمجنون) جواب القسم وما نافية أي انتفى عنك الجنون بنعمة ربك كما يقال أنت بحمد الله عاقل، قيل الباء متعلقة بمضمر هو حال كأنه قيل أنت بريء من الجنون متلبساً بنعمة الله التي هي النبوة والرسالة العامة، وقيل الباء للقسم أي ما أنت ونعمة ربك بمجنون، وقيل النعمة هنا الرحمة، والآية رد على الكفار حيث قالوا (يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون).
(وإن لك لأجراً) أي ثواباً على ما تحملت من أثقال النبوة وقاسيت من أنواع الشدائد (غير ممنون) أي غير مقطوع، يقال مننت الحبل إذا قطعته وقال مجاهد غير محسوب، وقال الحسن غير مكدر بالمن، وقال الضحاك أجراً بغير عمل وقيل غير مقدر، وقيل غير ممنون به عليك من جهة الناس، وقيل غير منقوص.
(وإنك لعلى خلق عظيم) قيل هو الإسلام والدين، حكاه الواحدي عن الأكثرين، قال الحفناوي أقسم أولاً بالقلم ثم بسطر الملائكة أو بمسطورهم، فالمقسم به شيئان على ثلاثة أشياء نفي الجنون عنه وثبوت الأجر